شؤون سياسية

منبر الحرية26 أبريل، 20130

إذا تعمقنا في المشهد العربي في الدول التي وقعت فيها الثورات لوجدنا أن ما وقع كان طبيعياً، بل الأغرب عدم حصول كل هذا في زمن سابق، فبوليسية الأنظمة ودرجة الاستئثار والإخلال بالتوازنات التي مارستها لزمن طويل لم تكن ستؤدي إلا إلى الانفجار المتعدد الأبعاد....... .

المدنيّة لا تُنتجها الثورة، والدولة لا يبنيها الثوّار، يجب أن ننظر إلى الأمر بهذه الصرامة، المدنيّة نمطٌ سلوكيٌّ و طريقةٌ من طرق التفكير يصنعها تسلسل الأحداث الكبرى في تاريخ الأمم، التنوير بعد الثورة يجب أن يكون في كل الاتجاهات لتنتج المدنيّة.....

لقد سقط النظام السوري قبل أن يسقط، وانتهى قبل أن ينتهي، وما استمراره إلى يومنا هذا إلا نتاج جهل وغرور وحرب تشن على الشعب السوري على رغم توافر خيارات مختلفة كانت متوافرة أمام النظام. إن الأصوات العلوية التي تتحدى النظام وتنشق عليه تحمل معها أفقاً يتجاوز ما زرعه النظام. لقد أصبح النظام السوري بالكاد قادراً على تمثيل نفسه....

تصنع السلطة السياسية قرارات يصعب على الفرد والجماعة القيام بها منفردين، ولهذا تطورت الحاجة إليها في كل دولة ومكان. وبينما استمدت السلطة السياسية الأوروبية في القرون الوسطى قوتها من إمكاناتها العسكرية والاقتصادية المتوافرة لها ومن حق إلهي مطلق إلا أن هذا لم يصمد أمام آليات التغير في المجتمعات وإصرار الشعوب على دورها ومكانتها في كل مجال يمس حقوقها وحياتها. كانت الدول تدور في فلك ملوك وقادة لا علاقة لهم بالعامة وبسطاء الناس. وقد عبَّر ملوك فرنسا وبريطانيا وأوروبا القديمة عن هذا الانفصال كما عبر عنه نابليون الإمبراطور الفرنسي الذي جاء بعد ثورة دموية. ولكن الثورات والحركات الشعبية التي بدأت بالثورة الفرنسية وانتفاضات وثورات أخرى طورت مع مرور الوقت مفاهيم السلطة والقوة لصالح سلطة مساءلة. لم يسر التاريخ بصورة مستقيمة، ظل متعرجاً في مساره، تقدم هنا وتراجع هناك، لكن الاتجاه العام للمجتمعات وعلاقتها بالسلطة والقوة تغير رويداً رويداً لصالح الحقوق والمشاركة. وبينما دشنت الثورات الفرنسية وغيرها من الثورات حق الثورة ضد سلطة جائرة، إلا أن الخوف من الثورات بالتحديد ومن أثرها حوَّل حق المجتمعات في الثورة على الظلم إلى حق أصيل في ممارسة الإصلاح والعمل السياسي الذي يهدف لتغير الحكومة والسلطة بوسائل سلمية لا تنطوي على الثورة والعنف. الواضح أن الإصلاح السياسي لم يكن ليتحقق بصفته أسلوباً يحافظ على نظام سياسي ويطوره لولا جنون الثورات والخوف منها.

ويمر العالم العربي بالظروف نفسها التي مر بها غيره، فالحالة العربية تبين مدى تعطش المواطن للشراكة الحقيقية مع السلطة التي تحتكر السياسة باسمه وتصنع القرارات والقوانين المؤثرة في مستقبله. ثورات الشعوب العربية وتمردها وإعلانها عن آلامها ومخاوفها تعبير عن وصول موجة المساءلة والمشاركة إلى العالم العربي. فالسعي العربي الجديد هدفه حكومات تمارس السياسة بمسـؤولية وتحترم الرأي العام وتقر بحقوقه كما تسعى لتلبية حاجاته بما في ذلك وضع آليات للتغير عبر انتخابات تتنافس عليها تيارات سياسية وأحزاب. لهذا بالتحديد نحن في بداية طريق ديموقراطي طويل يهدف لجعل السلطة العربية مساءلة أمام شعوبها قبل أن تكون مساءلة أمام نخب سياسية فردية أم عائلية أم حزبية. بمعنى آخر نحن في طريق سوف يخرج السياسة العربية من الروح النخبوية الضيقة إلى الفضاء الشعبي العام.

إن السلطة غير المساءلة هي من أكثر السلطات تراجعاً في التاريخ، كان العالم كله تقريباً يعيش في ظل هكذا سلطات، وإذا برقعتها تتقلص إبان عقود القرن العشرين وثوراته الديمقراطية. السلطة غير المساءلة خاسرة تاريخياً بسبب قوتها المبالغ بها تجاه سكانها والتي تؤدي حتماً لأزمات وتحديات ورفض ومقاومة.

إن مأزق السلطة غير المساءلة الرئيسي أنها تقرر ما لا يمكن تقريره، وتتحكم بالقوانين والقضاء والسجون والعقوبات، وتقرر الحياة والموت والمستفيد وغير المستفيد وكل توزيع واحتكار. السلطة العربية غير المساءلة تمتلك كل الأدوات، إذ لديها احتكار السلاح والمخابرات والأمن، ولديها القدرة على القمع في أبسط الأمور وأعقدها. وفي النظام غير المساءل تتضخم سلطة الفئات ذات المصالح الضيقة وذلك بحكم الصلاحيات المفتوحة التي تمتلكها. وهذا الأمر يؤدي إلى تحكم قلة من الأفراد ببقية المجتمع. وفي هذه الحالة بإمكان من في السلطة أن يمارس ظلماً واضحاً بحق الآخرين من دون أدنى مساءلة. إن طبيعة السلطة غير المساءلة تفتح الباب للممارسات التعسفية بكل أشكالها بهدف إبقاء صلاحيات السلطة كما هي، وهذا يفتح الباب للمقاومة كما يؤسس لصراعات واضحة ومخفية تستنزف السلطة وتصب في عملية إضعافها.

إن جوهر الخلاف بين العرب في هذه المرحلة يتعلق بمصدر السلطات السياسية. فهل مصدرها: طبقة، أو فئة، أم أن المصدر يعود لمؤسسة الجيش أو لحزب سياسي حاكم جاء إلى السلطة بعد ثورة، أم أن مصدر السلطات هو الشعب والرأي العام ورغباته في ظل تداول سلمي على السلطة ضمن قواعد متفق عليها؟ الزمن الجديد بعد الثورات العربية يمثل بداية دخول الشعب كعامل تغير وقوة جديدة تطرح معادلات جديدة وتسقط معادلات قديمة.

إن المشكلة العربية الأساسية التي سببت الغضب الشعبي والثورات تلخص بالتالي: انفصال السلطات غير المساءلة عن واقع المجتمعات والتغير. فمن اعتاد على سلطة لا تُساءل يجد صعوبة في الحد من صلاحياته، ومن اعتاد أن يرى الدنيا من أعلى الجبل لن يرى الحقيقة كما يراها من يختبر قرارات السلطة وأثرها فيه وهو في أسفل الجبل وبين شعابه وفي سهوله. لهذا فإن رفض التغير من قبل النخب السياسية العربية كبير حتى الآن، وسيسبب هذا الرفض المزيد من الاحتجاجات وربما الثورات. ويتضح جلياً بأن السلطات الجديدة التي تشكلت بعد الثورات في كل من مصر وتونس تواجه مصاعب جمة في ممارسة سلطة مساءلة كما تتفادى الاستماع إلى نبض الشارع. هذه ثقافة ستتطلب وقتاً للنضوج والارتقاء في المجتمعات العربية.

ليس العرب وحدهم الذين لديهم سلطات تحتكر السياسة والاقتصاد والإعلام والحريات، فحتى في الدول الديمقراطية توجد سلطات منتخبة تميل للاحتكار في مشهد يقترب من تحويل الانتخاب إلى عملية شكلية لا تغير الكثير، وعندما يتضح ذلك تبدأ المجتمعات بالنقد وتميل للانسحاب من الأحزاب الرسمية والخوض في تجارب شعبية جديدة كما حصل مع «احتل وول ستريت» ومع تيار «حفلات الشاي» الأميركية الناقم على الأحزاب التقليدية. الفارق بين واقعنا وواقعهم أن حق العمل السياسي العلني لتغيير حكومة يتميز بالنضج لديهم، وأنه بإمكان أفراد تلك المجتمعات العمل علناً على تغيير حكوماتهم من دون أن ينتهي بهم الأمر بين السجن والنفي.

إن دور السلطة وحدودها وغاياتها ومعانيها في العالم العربي يمر بمرحلة إعادة تشكيل، وذلك بعد أن تبين أن لدى الشعوب وبسطاء الناس أدوات فعالة للتغيير والتأثير، منها الاحتجاج السلمي والتعبير العلني والعمل السياسي المباشر بكل أشكاله وطرقه. وعي المجتمع بحقوقه السياسية وأسس التغير والممارسة السياسية هو الفيصل في المرحلة القادمة، لكن استجابة السلطات معنى المرحلة وطبيعتها وضرورات الإصلاح هي العنصر الذي لو وقع على مراحل ووفق رؤى تتمتع ببعد النظر لوفر على الشعوب العربية والدول العربية الكثير من الآلام.

 المصدر: الحياة اليومية.

* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت.

منبر الحرية، 15مارس/آذار 2013

نبيل علي صالح10 مارس، 20130

تحتاج بنية مجتمعاتنا العربية إلى كثير من أعمال الحفر الفكري واتباع مختلف مناهج وأدوات النقد المعرفي الحديث لتفكيك منظومة الفكر العربي والإسلامي الجامدة والمتخشبة المسيطرة عليه، والتي لا تزال واقفة زمنياً وعقلياً عند حدود وعتبات القرون القديمة، فيما يعرف بتراث أهل السلف....

وصول الإسلام السياسي إلى الحكم هو أهم ما حصل في المرحلة الأولى من الثورات العربية. فمن غيرهم يستطيع أن يفوز ويحظى بدعم الجماهير وتعاطفها في المرحلة الأولى؟ ولكن روليت الثورة تعود وتؤكد بأن من يأتي في البداية سيكتوي بنار التغير وبحدة المطالب الهادفة لتغير طبيعة الدولة والسلطة في الواقع العربي......

اكرام عدنني13 فبراير، 20133

شكلت الفوضى الفكرية في علوم الفيزياء الجديدة في أوائل القرن الماضي، الخلفية التي نشأت من ورائها فلسفة كارل بوبر المتميزة، وخاصة بعد التغيرات التي أدخلتها نظرية اينشتاين حول النسبية، والتي تم بموجبها دحض العديد من النظريات بعد أن كانت من المسلمات، وهو ما شكل دافعا لكارل بوبر لبلورة نظريته حول قابلية العلم للتخطيء......

شفيق ناظم الغبرا10 فبراير، 20130

إن الاستيطان في القدس وفي فلسطين فعل من جانب واحد. فمن جانب واحد احتلت إسرائيل أراضي الفلسطينيين عام ١٩٤٨، ومن جانب واحد صادرت ممتلكاتهم الفردية والشخصية والوطنية، ومن جانب واحد احتلت أراضي القدس والضفة وغزة في حرب ١٩٦٧، ومن جانب واحد استوطنت أينما أرادت في الأرض وحسمت خياراتها فقتلت حل الدولتين لصالح الدولة الواحدة......

نوح الهرموزي31 يناير، 20131

إن فقهاء القانون لم يجمعوا على تعريف محدد للدولة، ولكن الأصح من ذلك أنهم لم يتعسفوا في تعريفها أو الإتيان بعناصر من خارجها للتعبير عنها، وإنماالاختلاف يتعلق بإدخال بعض العناصر في التعريف من عدمها.....

تمثل الهوية الفلسطينية واحدة من أكثر الهويات المثيرة للمشاعر والتفاعلات وذلك لأنها نمت عبر الضدية المباشرة مع المشروع الصهيوني واختبرت على مر العقود الإقتلاع وفقدان الأرض والاحتلال والشتات......

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018