محمد عزالدين الصندوق

عمق الهوة الفكرية بين المجتمعات العربية وبين المجتمعات المتطورة كبير جدا ويقاس بزمن التوقف الفكري والخمول الحضاري. إن محاولات تحديث فكر تَجمدَ خلال قرون مُهِمة تقترب من الاستحالة. كما أن محاولة فصل الدولة عن الدين ليست بجديدة على المجتمعات العربية والإسلاميةوكان موجودا بصورة شكلية...

نوح الهرموزي22 نوفمبر، 20110

إن البناء في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بعد الحرب العالمية الأولى ومازال حتى وقتنا الحاضر و لكنه بناء متلكأ مرتبك ناتج إما عن اجتهادات الحاكم المتسلط أو في أحسن الأحوال عن خطط تنموية غير واضحة حاولت تقليد الخطط الغربية.....

نوح الهرموزي10 أغسطس، 20111

التكنولوجيا واحدة من أبرز الأنشطة الإبداعية الإنسانية خلال القرن العشرين إلى جانب العلم. و قد تُمثل المرحلة الرابعة من مراحل تطور الفكر الإنساني بعد المرحلة العلمية. شملت التكنولوجيا كافة جوانب الحياة مهما كانت ابتداءً من قدح الماء إلى مركبات غزو الفضاء. ومن يملك التكنولوجيا يملك القوة و السيطرة. ولقد قادت الثورات التكنولوجية السريعة إلى تطورات اجتماعية هائلة.....

نوح الهرموزي4 أغسطس، 20111

إن المجتمعات المعاصرة عبارة عن منظومات معاصرة وغاية في التعقيد . وتطورت عبر قرون وبالذات خلال القرون الخمسة الماضية. إنها ليست مجرد منظومة حاكمة كما تبدوا للوهلة الأولى أو للبسطاء في التحليل الاجتماعي. والسؤال الذي يطرح هو من بإمكانه خلق منظومة سلسة تجنب المجتمع وأجياله من الكوارث و الانهيارات؟.....

peshwazarabic12 يناير، 20110

لم تعرف الحضارات الشرق أوسطيه الفكر الفلسفي كما عرفته أوربا منذ الحضارة اليونانية القديمة (حوالي 400 قبل الميلاد)، حيث كان الرواد الأوائل سقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس، راسمي خط النشاط الفكري المتسائل.

peshwazarabic6 ديسمبر، 20101

حملت اللغة العربية إبداع العرب الوحيد ألا وهو الشعر قبل الدعوة الإسلامية و منحها القرآن التقديس فيما بعد لتكون لغة إعجازية مقدسة، وعند القرون الثلاثة الأولى بعد الدعوة مُنحت العربية مهمة أخرى لتكون وعائاً للفكر الإسلامي الفلسفي الوليد وكذلك لغة النهضة العلمية الوليدة. و مع التراجع الفكري و الركود العلمي ارتدت العربية لتبقى وعاءً مقدسا فقط.
دخل العرب القرن العشرين عراة لا يملكون من مقومات الحضارة شيئأً حتى لغة الشعر إبداعهم الوحيد كانت قد ماتت قبل الدخول، و بعد محاولات التململ العربي للنهوض من الغفوة اكتشف العرب وجود ما يسمى بالعلم و التكنولوجيا واكتشفوا كذلك عجز لغتهم عن استيعاب ما وجدوه بعد هذا السبات العميق. هكذا وجدت اللغة المقدسة عجزها عن استيعاب ما وجده قومها لذا لامتهم  وعكست ألمَها مما هي عليه على لسان شاعرهم حافظ إبراهيم و مما قالته اللغة المحنطة:
وسعت كتاب الله لفظا و غاية          وما ضقت عن أي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة      و تنسيق أسماء لمخترعات
لا شك في أن حافظ إبراهيم الذي اعتمدته اللغة للكلام عنها لم يكن على دراية بماهية لغة العلم المعقدة و متطلباتها و ربما اللغة المسكينة التي تخلى عنها أهلها وحنطوها لم تكن لتعرف حقا ماذا حل بها و كيف تم تحنيطها من قِبل أبنائها.
لقد كتب العرب والمسلمون علومهم الطبيعية في فترة النهضة اليتيمة (700م-1000م) باللغة العربية رغم أن الكثير من العلماء لم يكونوا عربا. لقد دخلت اللغة العربية وقت ذاك طورا جديدا من تاريخها و هو الطور الثالث. قبل الدعوة الإسلامية كانت اللغة لغة الإبداع الشعري وهو الإبداع الوحيد (ربما عرفوا النحت و لكن لم يصلنا منه شيئاً) الذي عرفه العرب قبل الإسلام  و هذا هو طورها الأول و بعد الدعوة أصبحت اللغة المقدسة التي جاء بها القرآن و هذا هو الطور الثاني لها. حتى العصر العباسي لم يكن للعرب عهد بالفكر الفلسفي والعلوم وما أن انفتحت الحضارة العربية على الأمم الأخرى أخذت باستيعاب تجارب الشعوب وكانت التراجم التي قام بها اليهود و المسيحيون والصابئة وقت ذاك جهدا عظيما يصعب تقديره قاد اللغة العربية لتدخل طورها الثالث. منذ ذلك العهد و اللغة العربية استوعبت الفن و الفكر و العلم. وقت ذاك لم تكن هناك طباعة أو مؤسسات نشر متخصصة.
في تلك الفترة اليتيمة من التاريخ كانت بغداد و القاهرة والأندلس مراكز الإشعاع العالمي و كانت اللغة العربية لغة الحضارة السائدة. استوعبت اللغة العربية الشعر والفكر والدين و العلوم. و ما تزال حتى وقتنا الحاضر الكثير من مصطلحات العرب القديمة مستخدمة في بعض العلوم.
ومع بداية تلاشي النهضة العلمية (حوالي 1000م) أخذت اللغة تتقوقع ضمن الإطار الديني و الأدبي و مع الاحتلالات الأجنبية المتكررة و التي كان آخرها الاحتلال العثماني تلاشت حتى القدرة الأدبية للغة لتتحول إلى مجرد لغة مقدسة. بعد سقوط الدولة العثمانية  بدء التململ العربي للاستيقاظ من الكارثة و كان للغة هي الأخرى تلك المحاولة للاستيقاظ. خلال النصف الأول من القرن العشرين عاد للأدب العربي البعض من رونقه وعادت العربية إلى طورها الأول. وما أن أدركت عمق الكارثة الفكرية والعلمية وعدم القدرة على استرداد طورها الثالث عاتبت العرب على لسان شاعرهم .
نحن الآن في عام 2010 م و ليس 800م و علوم اليوم ليست مثل علوم الماضي، الاختلاف ليس كميا فقط وإنما نوعيا و منطقيا. اليوم يجب أن نتسائل هل العربية يمكن أن تكون لغة علم كما كانت؟
قد يبدوا تبرير قابلية اللغة على استيعاب وصف آلة أو البحث عن أسماء لمخترعات يعطيها القابلية لتكون لغة للعلم تبريرا ساذجا و سطحيا. وهذا ما هرول وراءه الكثير من اللغويين والمجمعيين العرب لاشتقاق مصطلحات عربية مقابلة لمصطلحات العلوم المعاصرة ووضعوا القواميس لها، لقد كان ركضهم  وما يزال وراء سراب، لأن العرب الآن ليسوا منتجي علم بل متقبلين لبعض مما يُنتج وما على اللغويون إلا متابعة ما يستجد للبحث عما يرادفه و بصورة مستمرة و دائمة. إن لغة العلم ليست مجرد وعاء استيعاب لنقل ما هو موجود. للغة العلم الحديثة مميزات كثيرة منها:
أنها لغة حية علميا و هذا يعني أنها الوعاء الأول للناتج العلمي. البحوث الجديدة أول ما تكتب تكتب بلغة العلم المقبولة عالميا. إنها اللغة التي تنتج مصطلحات جديدة يتم الترجمة عنها باستمرار، فلغة العلم يجب أن تكون لغة منتجة للمصطلح إضافة لكونها قابلة للترجمة، والمصطلح العلمي يكون واحدا رغم اختلاف المترادفات التي قد تبدو متشابهة.
أنها لغة واسعة الانتشار علميا وليس المقصود هو عدد المتكلمين بها بل عدد مراكز البحوث التي تعتمدها، وعدد الدوريات التي تصدر بها وعدد الكتب التي تكتب بها والمؤتمرات التي تعتمدها كلغة مقبولة .
أنها اللغة التي تجمع ما بين القدرة على التوضيح مع استخدام الرمز (الحروف والعلامات) لكتابة العلاقات العلمية والرياضية.
أنها اللغة التي تتعامل بها مؤسسات نشر عالمية وبذلك يكون مطبوعها متوفر ومتراكم ويمكن الرجوع له كمصدر دائم. وهذا يعني أن هذه اللغة تغوص في تاريخ التخصص العلمي لتوفير المعلومة المطلوبة.
لقد بدء النشر العلمي الأكاديمي في حدود القرن السابع عشر  وما زال متواصلا من دون انقطاع وبتراكم هائل من الخبرات خلال هذه الفترة الزمنية. خلال هذه الفترة استطاعت اللغة الانكليزية من التوائم مع الكتابة و الطباعة العلمية، كما أن تقاليد النشر العلمي تأسست خلال هذه المدة التي كان العرب فيها منقطعين عن الحضارة العالمية. كما أخذت بالتشكل طريقة الصياغة اللغوية للحقائق العلمية و طريقة كتابتها. و توجد الكثير من الدراسات حول قدرة اللغة في استيعاب العلوم.
حاليا اللغة الانكليزية تتصدر اللغات العلمية العالمية بسبب سعة انتشارها كما توجد العديد من اللغات العلمية شبه العالمية مثل الفرنسية و الألمانية وهناك لغات علمية اقل انتشارا مثل اليابانية و الصينية…. وعالمية اللغة تنشئ من عمق اهتمام مجتمعها بها. ونتيجة سعة وانتشار الناتج العلمي فإن اللغة الانكليزية العلمية أخذت بالتوسع وقبول مصطلحات ورموز من لغات أخرى.
لقد كان الروس ضمن الفترة السوفيتية ينشرون بحوثهم بلغتهم، وهذا يعني أن المنظومة العلمية الروسية كانت كاملة وتحوي مؤسسات نشر علمي من كتب ومجلات بحثية. وبغية الاستفادة من البحوث السوفياتية اهتم الغرب في تأسيس مؤسسات متخصصة في ترجمة المنشورات العلمية الروسية كي يكون الغرب على قدم المساواة مع ما يكتشفه السوفيات.
مما تقدم نجد أن لغة العلم ليست مجرد وعائاً يمكن تبديله بالترجمة بل مؤسسات ضخمة توفر لقرائها البحوث السابقة والحالية إضافة إلى توفيرها الكتاب العلمي (الأكاديمي) بمستوياته المختلفة.
كانت أول تجربة عربيه حاولت أن تمنح اللغة العربية صفة لغة العلم في العصر الحديث هي التجربة المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. لقد كانت على ما يبدو من ضمن الحماسة القومية أكثر من كونها خطة مدروسة. لقد أصدرت القاهرة مشروع “الألف كتاب” وهو مشروع ترجمة كتب عالمية مختارة للغة العربية. لقد كانت تجربة مفيدة للمثقف العربي إلا أنها لم تتطور لأنها كانت أعجز من أن تتمكن من توفير المراجع العلمية المختلفة الاختصاصات. إضافة إلى مشكلة المصطلح العلمي الذي اختلف العرب على ترجمته كل دولة على هواها. ومشكلة استخدام الرمز العلمي والرياضي. مثل هذه المشاريع قد تفيد في نقل المعرفة لرجل الشارع و للمثقفين عموما ولكن  ليس الباحث الذي هو بحاجة دائمة لمتابعة تخصصه و التطورات التي تحصل. الباحث العلمي عليه أن يكتب إنتاجه بلغة يفهمها العالم كما هو بحاجة إلى قراءة ما ينتجه الآخرون.
ظهرت محاولات أخرى مختلفة في الكثير من الدول العربية، ولكنها جميعا محاولات متلكئة محلية الطابع  رعتها السياسة و الأيديولوجية الحاكمة أكثر من كونها ضرورة اجتماعية. كما قام الكثير من الأساتذة العرب بتأليف أو ترجمة الكثير من الكتب العلمية، كما سبق لي شخصيا وأن أصدرت كتابا علميا باللغة العربية ولكن كل هذه الجهود لا يمكن أن تواجه الكم الهائل من الانجاز العلمي العالمي المتسارع يوميا. وكما يختلف الساسة العرب في مواقفهم فإن المجامع العلمية العربية التي ركضت وراء ترجمة المصطلح العلمي اختلفت فيما بينها، فهناك ترجمة مصرية وأخرى عراقية وأخرى سورية … للمصطلح الواحد. مثلا مصطلح (Momentum) تمت ترجمته بالزخم وكمية الحركة و العزم و هكذا الحال مع باقي المصطلحات. في حين نجد الشعوب الناطقة باللغة الانكليزية تستخدم جميعها نفس المصطلح.
عهدنا الحالي ليس هو عهد المأمون العباسي الذي أسس بيت الحكمة وقام بترجمة الكتب المختلفة إلى العربية. العالم الآن أكثر وأكثر تعقيدا مما كان عليه وقت ذاك ولكن للأسف ما زال هناك الكثير ممن يعتقدون أن الزمن قد توقف منذ قرون. إن تجربة المأمون كانت رائدة في زمانها أما الآن فنحن بحاجة إلى تجارب أخرى وليس استنساخ تجربة ماتت وبلت وأصبحت ذات قيمة تاريخية فقط. ترجمة الكتب العلمية على المستوى الجامعي مسألة غاية في التعقيد فهناك عدد هائل من التخصصات وفي كل تخصص هناك على الأقل مستويين من الكتب،  كتب الدراسات الأولية وكتب الدراسات المتقدمة. بالإضافة للكتب فإن الباحثين قلما يحتاجون الكتب قدر احتياجهم للمجلات (الدوريات) العلمية التي تنشر البحوث أولا بأول. إنه من الظلم والاستخفاف التشبه بتجربة المأمون الآن.
في زيارة لإحدى الدول العربية دهشت عندما وجدت الكثير من الأطباء الشباب  هناك لا يملكون القابلية على تبادل المعلومة العلمية الطبية الانكليزية بيسر إلا بعد ترجمتها للغة العربية. كم ستكون الأمور صعبة في حالة المتابعة العلمية للتخصص الأعلى، لأن جميع المنشورات البحثية المتخصصة لا تصدر باللغة العربية وليس هناك إمكانية لترجمة جميع المنشورات العلمية العالمية إلى اللغة العربية. إن تعريب العلوم قد يكون عبئا إن لم يكن كارثة لأنه سيقف حجر عثرة في سبيل التطور العلمي. الصين و دول أخرى تُدرس بلغتها الأم وذلك لإمكانياتها الكبيرة وعدم انقطاعها الحضاري الكبير الذي أدى إلى التراكم العلمي الهائل الذي يعانيه العرب.
على ذلك نجد أن اللغة العربية الآن ليست بلغة علم وهذا ليس لقصور ذاتي تعاني منه بل لقصور الإمكانيات العربية الاجتماعية والاقتصادية والفكرية. الترجمة العلمية يجب أن تشمل الدوريات القديمة والحديثة والكتب الأكاديمية وبمختلف الاختصاصات. إن محاولة كهذه تتطلب تظافر جهد عربي كبير جدا ومؤسسات نشر متخصصة استثمارية وجيش هائل من المترجمين المتخصصين لكل مجال. إنه ولا شك مشروع خيالي. المشكلة الأساسية وراء ذلك كانت يوم تخلى العرب عن العلم منذ قرون وبذلك خنقوا لغتهم وحنطوها. فهل سيتمكن العرب المعاصرون من إعادة اللغة العربية إلى العلم؟
‎© منبر الحرية،29 نونبر/تشرين الثاني 2010

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

لم يؤثر نشاط اجتماعي بالمجتمع الإنساني قدر ما أثرت و تؤثر التكنولوجيا. التكنولوجيا الآن هي عصب الحياة المعاصرة و أساسها. لا يمكن لأي مجتمع ان يبني و يعيش من دون تكنولوجيا. و من يملك التكنولوجيا يملك السيطرة في مجال عملها. التكنولوجيا ليست جهازا أو مجموعة أجهزة. إنها منطق متكامل تشمل الابتكار و البحث و الصناعة و الاقتصاد و السياسة.  و هناك الآن اتجاهات فكرية كبيره تتناول التكنولوجيا.
التكنولوجيا الآن هي في كل مفردة من مفردات حياتنا مهما كانت بسيطة. نحن نعيش في بحر التكنولوجيا الهائل وتمثل التكنولوجيا الأوكسجين الذي لا حياة بدونه. إنها الآن أوكسجين الحضارة المعاصرة. إنها مسئولة عن الماء الذي نشرب و الرداء الذي نلبس و الدواء الذي نتعالج به و الغذاء الذي نأكل و صوت الأذان الذي نسمع و و و.
لقد تطورت التكنولوجيا المعاصرة على الأسس العلمية التي تم اكتشافها خلال القرون الأربعة الماضية.  و المجتمعات التي ساهمت في تطوير المعرفة العلمية (و ما رافقها من ُبنى اقتصادية و صناعية) خلال تلك الفترة تمتلك الآن السيطرة التكنولوجية.  لقد كانت المجتمعات الغربية صاحبة الأولوية في هذا البناء و هي الآن تملك زمام المبادرة الدولية في كافة جوانب الحياة.
القرون الأربعة الماضية هي التي تفعل فعلها الآن. ولو لاحظنا النشاط الاستعماري خلال تلك الفترة نجد ان النشاط التكنولوجي كان هو الأساس في توسيع و ترسيخ الاستعمار. أن مصير العالم بيد اللاعب التكنولوجي.   من جانب أخر عاشت الدول المسعَمرَه من قبل الاحتلال المتخلف مثل الدولة العثمانية (الرجل المريض) عصرا كارثياً فقدت خلاله زمام المبادرة التكنولوجية في عصرنا الراهن.
لقد عاشت دول الرجل المريض احتلالين الأول احتلال متخلف و بغطاء أسلامي و الثاني متطور غربي و باغطيه مختلفة. لقد فقدت دول الرجل المريض إمكانية بناء التكنولوجيا أو لنقل توفير الأوكسجين لمجتمعاتها في عصرنا الحاضر. لذا دخلت هذه الدول القرن العشرين و بحواضن الخدج (  Premature Incubators)  و ما تزال حتى الان في حواضن الأوكسجين الغربي. لا يمكن لهذه الدول الضعيفة البناء ان تعيش منفردة (مستقلة) من دون تكنولوجيا أو أوكسجين الحضارة. لقد تم تقسيم الدولة العثمانية الى دول ذات حدود (حواضن توفير تكنولوجيا).
المعاصرة بلا شك تعني لدى الكثير من العرب و المسلمين الغرب و انتاجاته الفكرية و التكنولوجية. لذا دائما ما يتهم كل من يدعو الى التحديث بأنه غربي في المجتمعات العربية و ذلك لعدم وجود حاضر عربي متطور فالماضي هو الموجود الوحيد و لكي تكون عربيا مسلما يجب ان تعيش في الماضي!  و رغم ان هذه المجتمعات لا يوجد شيء في حياتها غير مستورد أو غربي المنشأ فإنها تقف أمام أي تحديث بتهمة انه غربي.
مشكلة الاستعمار و الدول المستَعَمَرة في الوقت الحاضر هي مشكلة من يملك القوة ومن لا يملكها. و القوة في الوقت الحاضر هي قوة التكنولوجيا. لا يوجد ألان مجتمع قادر على الإستقلال بصورة مطلقه. الغرب عموما و حتى الولايات المتحدة الامريكيه تعتمد في الكثير من مصادرها على دول العالم المختلفة و لكنها لحد الآن هي المصدر الأساسي للإبداع العلمي و التكنولوجي في العالم.
بالنسبة للدول العربية التي فقدت زمام المبادرة العلمية منذ قرون فإنها تعيش بعيدا عن هامش الحضارة العالمية ألان. و ابعد ما تكون عن عالم العلوم و التكنولوجيا التي يمكن ان تسند مجتمعاتها. هذه المجتمعات لا تملك إمكانية الدفاع عن نفسها أو إطعام أبنائها بإمكانياتها الذاتية. إنها ما تزال تعيش مخلفات الرجل المريض.
لنأخذ العراق نموذجا و العراق قد يكون أفضل كثيرا بإمكانياته العلمية من بعض الدول العربية و الإسلامية. يمتلك العراق إمكانيات صناعية كبيرة و لكنها مستوردة و ليس هناك أية  تكنولوجيا وطنية و كذلك الكثير من المواد الأولية الداخلة في الصناعة كانت تُستورد من الخارج و هو بذلك حاله حال كل الدول العربية. لقد كان العراق على المستوى السياسي مستقلا سياسيا و يفخر باستقلاله السياسي.
و نتيجة لكارثة سياسة متهورة  عاش العراق حصار دولي استمر من اواخر عام 1990 و حتى عام 2003. رغم ان هذا الحصار لم يكن حصارا كاملا مطلقا (هناك بعض التكنولوجيا كان من المسموح دخولها لأسباب إنسانية او قد يتم إدخال البعض بطرق أخرى) الا انه ترك مأساة حضارية كبيرة  كان الشعب العراقي ضحيتها. لقد كانت السلطة السياسية ابعد ما تكون عن تصور الحجم الحقيقي للإمكانيات التكنولوجية المحلية التي يمكن ان تلعب دورا بديلا في هذا الظرف القاسي و لكن كان الاستقلال السياسي الخدعة الكبرى التي تعيشها تلك القيادة و يعيش الكثيرين مثلها هذه ألأحلام.
لقد اظهر هذا الحصار بوضوح الكثير من المشاكل وهذه البعض منها:
1- مشكلة اعتماد العراق على الثروة النفطية فقط كمصدر تمويل وحيد تقريبا.
2- مشكلة الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة و عدم وجود تكنولوجيا ذات جذور وطنية.
3- الفجوة الكبرى ما بين البحث الأكاديمي المحلي و الإمكانيات الصناعية المحلية و التي هي أساسا تكنولوجيا مستورده.
4- البعد الحضاري الشاسع للفرد البسيط عن العلوم التطبيقية و إمكانية الاجتهاد الفردي في استخدامها في حياته أليوميه.
5- مشكلة علاقة السلطة بالعلم و التكنولوجيا.
6- عدم وجود منظومة علوم و تكنولوجيا كفوءة و مترابطة و يمكن ان تطرح البديل.
لقد اعطي الحصار مؤشرا حقيقيا عن مدى هشاشة الوضع العلمي و التكنولوجي المحلي للعراق و الذي هو بلا شك مماثل لدول المنطقة ان لم يكن أفضل من البعض منها. و لو تعرضت أي دولة من دول العالم العربي او الإسلامي لما تعرض له العراق لربما عاشت ماسي افضع و اكبر.
فهل كان العراق مستقلا ؟ العراق لم يكن مستقلا لأنه لم يكن بمقدوره إدارة كيانه ذاتيا و بصورة كبيرة انه لم ولن يستطيع الخروج من الحاضنة التكنولوجية و بالتأكيد هو ذات الحال بالنسبة  لكافة الدول و المجتمعات في المنطقة.
ان كل هذه الدول و للأسف  تعيش استقلالا بعيدا عن التكنولوجيا وهذا ما قد يعد  وهما كبيرا. وقد لا يكون حتى وهما إعلاميا لأنها لا تملك تصنيع تكنولوجيا الإعلام و الدعاية. إنها لا تملك تكنولوجيا تصفية المياه لشعوبها لأنها تستوردها كمعلومة و كتكنولوجيا. لا تملك اية دولة من هذه الدول إمكانية صناعة أعلامها الوطنية بمصانع من تكنولوجيتها ألمحليه. و لا تستطيع ان تدافع او تحارب الا بالمقدار المسموح لها من قبل الدول المنتجة للسلاح الذي تشتريه. و حتى الكتب الدينية و مستلزمات الإرشاد الديني يتم استيراد أجهزتها من بلاد “الكفار” التي أبدعت و صنعت تلك التكنولوجيا و الأماكن المقدسة هي الأخرى يتم تطويرها بتكنولوجيا يبدعها “الكافرون”. و الأدهى من ذلك تتبارى الشركات الصناعية الأجنبية على توفير مستلزمات دينية محلية بإطار تكنولوجي معاصر مثل الساعة التي تطلق الأذان. او أجهزة البحث عن القبلة…
و الطامة الكبرى لهذه الدول او المجتمعات ان يعيب احدها الاخر على مدى استقلاله و كأن كل واحدا منها قطبا عالميا فريدا. لقد فقدت تلك المجتمعات إمكانية ان تكون دولا مستقلة منذ ان فقدت حرية التفكير و رضت الاستعباد الفكري المؤدلج منذ قرون. أنها لا تملك سوى حدودا رسمها اللاعبون التكنولوجيون أما داخل الحدود فيمكن ان تلعب بمقدراته الدول المصنعة للتكنولوجيا. و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
© منبر الحرية، 05 سبتمبر/أيلول 2009

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

في عام 2002 كنت احاضر لطلبة الدراسات العليا في كلية الهندسة في موضوع نظرية الليزر. هذا الموضوع من المواضيع النظرية الشائكة  وذلك لا عتماده على فيزياء الكم. لقد اشبع هذا الموضوع دراسة و بحثا منذ عشرينات القرن الماضي و لحد الوقت الحاضر.  و كثيرا ما احاول في محاضراتي  ان اقدم عرضا تاريخيا مرتبطا بالتطور الرياضي للصيغ العلمية لتبيان التطور الذي يتم ادخاله على الصيغ الرياضية المعتمدة وسبب هذا الادخال او التحديث. لقد كان الموضوع دسما و ثقيلا مليئا بالصيغ الرياضية و اسماء العلماء الذين اكتشفوها.
بعد ان انتهيت من احدى محاضرتي و كانت المحاضرة حافلة بالكثير من الاشتقاقات النظرية و بالكثير من مساهمات العلماء من دول مختلفة و الذين ساهموا في اغناء ذلك الاشتقاق الرياضي. تعرضت لسيل من اسئلة الطلبه المعهوده و الخاصة بالموضوع و لكن كان السؤال الاخير مختلفا عن باقي التسائلات. جائني من طالبة تهتم بالجوانب الفكرية, قالت هبة :  ” لقد عرفنا ان هذه المعادلة الرياضيه تعرضت لتعديلات مختلفة و ساهم في هذا التعديل علماء كثيرون”. اجبتها نعم و هذا ما لا يعرفه الا المتخصصون اصحاب العلاقة. قالت ” ان كل الاسماء التي طرحت لا تحتوي اسما عربيا او اسلاميا واحد و نحن اصحاب الحضارة؟ فاين نحن؟” لم اندهش لتسائل هبة لانها كانت محبة للاطلاع. لقد كنت صريحا مع هبة “ليس لنا مشاركة في النشاط العلمي المعاصر!” دون ان اتطرق لتفاصيل اكثر لا يحتملها وقت المحاضرة.
لقد كان ذلك ما قبل حرب 2003 و ايام المد القومي في العراق. لقد كانت هناك ثقافة مركزية تمجد التاريخ العربي القديم و في ذات الوقت ترفع الشعارات  لمستقبل يعود فيه العرب الى مجدهم السابق (رغم تراجع العراق وقت ذاك عن دول المنطقة). و لكن لم يكن هناك شيء يذكر عن الفرق الزمني ما بين الماضي التليد البعيد جدا و الحاضر المُجهد. لم يكن هناك تسائل لماذا اصبحنا هكذا؟ ما هي المشكلة؟  ألاجابة الرسمية العربية على ذلك هي ان الاستعمار و الصهيونية هما سبب المشكلة. على ذلك كان علي ان اجيب هبة ان الاستعمار والصهيونية العالمية هما سبب ماساة العرب و المسلمين و انقطاعهم عن الحضارة الانسانية و لكن لم اتطرق لهذا الموضوع.
حتى وقت ذاك كنت مهتما بالاضافة لتخصصي العلمي بفلسفة العلوم لعلاقتها باهتمامي العلمي ولكن هذا التسائل دفعني الي محاولة لدراسة تاريخ العلوم عند العرب و المسلمين و على اساس كمي احصائي و مقارنة نتائج بحثي بتاريخ العلوم في الغرب.
ماذا وجدتُ في بحثي؟  لقد تكونت حضارتنا الزاهرة في 700 م  تقريبا و بدئت بالزوال حوالي 1000 ميلادية اي استمرت قرابة الثلاثة قرون و استمر الانحطاط الحضاري  حتى وقتنا الحاضر. ليس هناك مجال لتقديم تفاصيل اكثر و لكن كل ما يمكن قوله ان هناك شيء مرعب قد حصل!
ماذا حدث للعرب و المسلمين لكي تنقرض حظارتهم وحتى وقتنا الحاضر ؟ لا شك ان هناك كارثة اشبه بكارثة انقراض الديناصورات.  ما هو تفسير هذا الانقراض ؟ لقد تعرضت كثير من الحضارات الى مصاعب و ازمات و لكنها تجاوزتها و عاودت المسير بصورة او باخرى.  اية كارثة حلت بالحضارة العربية الاسلاميه؟
للاسف ليس هناك من إجابات تقدم للمجتمع سوى شعارات سياسية حالمة و لعن مستمر للاستعمار الانكليزي سارق الثروات و امريكا عدوة الشعوب و الصهيونية العالميه. أما مراكز البحوث العربية فتلقي اللوم على هولاكو الشماعة الكبرى. لقد حصلت كارثة هولاكو عام 1253م  أي بعد ان بدء الانحطاط  بقرنين من الزمن. لنقل مع القائلين ان هولاكو محا ما بنته هذه الحضارة خلال القرون الثلاثة تلك لماذا لم تنهض هذه الامة بعد ذلك لتعيد البناء من جديد.  لقد مضى على هولاكو قرون عدة و ما زال العرب لم يتخلصوا من نكسته فاي امة هذه؟
لقد بنى الغرب قوته اثناء غفوة العرب و المسلمين التي استمرت قرونا ؟ اليس من حقنا التسائل عن سبب هذه الغفوه الكارثة؟ اليس من حقنا البحث عن تفسيرات علميه عن سبب هذه الغفوه الكارثة؟ لو عرفنا السبب سوف لن نتسائل لماذا لم نقدم شيئ للبشرية خلال التسعة قرون الماضيه؟
لقد كانت اليابان غافيه و لكنها استفاقت خلال القرن التاسع عشر و نهضت و انتكست في الحرب العالميه الثانيه و نهضت من جديد. لماذا لم ينهض العرب و المسلمون ليشاركوا الانسانية المعاصرة البناء؟
لقد مللنا التفسيرات الايديلوجية الجوفاء عن الاستعمار و الصهيونية.  أن مشكلة التخلف العربي و الاسلامي كانت قبل ان تصبح بريطانيا امبراطورية عظمى و قبل اكتشاف امريكا وقبل قيام الصهيونية العالميه و قبل احتلال فلسطين.
أنها مشكلة الانغلاق الفكري التي بدئت منذ القرن الحادي عاشر الميلادي عندما تم تحريم التفكير و خنق الدين. و بدئت محاكم التفتيش بالظهور. لقد بنى الدين الاسلامي حضارة متميزة واضحة المعالم ما تزال اثارها شاخصة رغم الزمن. لقد كان الدين الذي قاد الى هذه الحضارة هو دين رسول الإسلام الذي منع المتاجرة بالدين و استعباد الناس و كانت الحرية كبيرة و قادت الى إبداعات كبيره. أما الذين خنقوه و شوهوه هم الذين سببوا هذه الكارثه الحضاريه الرهيبة.  لم يعد الدين كما كان لقد اصبح دينا جديدا و يزداد ابتعادا عن دين الدعوة الاولى بزيادة تراكم البدع و الانغلاقات الفكرية. لقد خنقوا روح الدين و حولوه الى صنم لا روح فيه. لذا قُتل المعتزلة و ابن عربي و اُحِرقت كتب ابن رشد و حُرمت الفلسفة و التفكير وو. لقد ظهرت محاكم التفتيش في اوربا قبل الثورة العلمية و كانت الثورة العلمية ناتجا لاندحار المحاكم و منشئيها أم محاكم التفتيش الاسلاميه فقد نشأت بعد الثورة العلمية و ادت الى خنقها و كبح جماح التطور الفكري و ثم العلمي. في الغرب اندحرت محاكم التفتيش بالفكر العلمي و عندنا اندحر العلم بمحاكم التفتيش.  لو تسنى للرعيل الاسلامي الاول ان يعود ليحيا الان بيننا فانه سيجد دينا جديدا و مختلفا عن الدين الذ ي عرفوه. انه دين المفكرين الاسلامين و ليس دين رسول الله. لقد قادت محاكم التفتيش الاسلامية و الانغلاق الفكري الى ان يعود الدين الاسلامي المؤدلج الى العرب عبر قوميات اخرى ليعيشوا (العرب) مستعَمرين  متخلفين مقيدين مابين استعمار عثماني او استعمار صفوي.  لقد دمر المستعمرون الاسلاميون الانسان العربي و المسلم و سرقوه اكثر من ما دمره و سرقه الاستعمار الغربي. خمسة قرون لم تبنى طابوقة واحدة في بغداد لتخلد المجد العثماني و عاصمة الخلافة العثمانية ما تزال زاهية لحد الان بما تركه العثمانيون ورائهم من سرقات من بلاد المسلمين. خلال بضع سنين بني الاستعمار الانكليزي السارق و الكافر و و و أضعاف  أضعاف ما بناه الاستعمار العثماني المسلم خلال خمسة قرون.
للأسف يغض الجميع الطرف عن هذه الحقبة الطويلة جدا و الحالكة السواد من التاريخ. انها ما تزال تفعل افعالها في الحاضرو ما يزال السلطان و الدراويش العثمانين يلعبون دورهم في التخدير و التنويم الجماعي و يحاولون احتلال زمننا الحاضر من جديد. تجد هولاء السلاطين و وعاضهم و دراويشهم اينما تذهب في بلاد العرب. للاسف ما يزال الفكر العربي والاسلامي يعيش السبات الحضاري و لم يستوعب النكسات و الهزائم لانهم ما يزالون يعتقدون بان المؤمن مبتلى! و سيبقى مبتلى ان لم تتغير العقول و ليس القصور. أن تركمات قرون و قرون من التخلف و الانحطاط لا يمكن ان تزول خلال عشرات السنين و من دون ارادة في التغيير.
العرب عاشوا التراجع الحضاري متخلفين لاكثر من ستة قرون عن الحضارة الانسانية لأنهم تنازلوا عن حريتهم الفكرية. الحرية و العلم صنوان فلا علم بدون حرية و لا حرية من دون علم. و العرب ألان في مرحلة ما بعد التخلف و ليس النهظة.  هل سيدركون الواقع المرير بعيون علمية فاحصة و يبدءون بالحلم بالنهضة على الأقل أم سيبقون في موقع المبتلى لانهم مؤمنون. هل من الافضل ان تبقى مؤمنا مهانا و تلعن الأقدار أم ان تكون عزيزا سيدا واعيا؟ ألان أجبتكِ يا هبة و أرجو ان تكوني قد عرفتِ ألان أين نحن ؟ معذرة لم استطع وقتها ان أجيبكِ. لقد كان زمنا قاسيا و ما يزال.
© منبر الحرية، 02 يوليو/تموز 2009

peshwazarabic18 نوفمبر، 20100

المجتمع البشري كأي كيان فيزيائي يمكن أن يخضع للدراسة و التحليل العلميين. وقد سبق و أن قدم باحثون خلال القرن العشرين الكثير من المحاولات لدراسة المجتمع على أسس فيزيائية. لقد سبق لي و أن تناولت الموضوع من خلال مشابهة (simulation) المجتمع بالبلازما  Plasma (الغاز الموئين) إضافة لاستخدام مفهوم ترابط الزمان و المكان الذي طرحته النظرية النسبية الخاصة كبعد رابع.
المكان هو مجال الحركة المدركة مباشرة. و الأفراد و المجتمعات والأفكار و التقاليد تتنقل كما تتنقل المادة. و ما دعوات تصدير الثورات و نقل التكنولوجيا و الاحتلالات العسكرية إلا بعض من أنواع هذه الانتقالات المكانية. تجاوز المكان هو محاولة للانتشار و التوسع أنها محاولة للديمومة المكانية. إن أبعاد المكان الثلاثة تمنح حرية للحركة بأي اتجاه ضمن الفراغ الثلاثي الأبعاد.
وقد يصاحب هذا الانتقال تناقض ظرفي مكاني. كتصدير مدافيء إلى المناطق الحارة أو الاستمرار في ممارسة العادات الملائمة للموقع القديم في الموقع الجديد. إن خصوصية المكان القديم تنتقل هي الأخرى إلى المكان الجديد و عدم القدرة على استيعاب المكان الجديد هو ما يخلق تناقضا ظرفيا مكانيا.
نتيجة للتطور التكنولوجي أصبح المكان اصغر بسبب سهولة الانتقال و سرعته وأصبح تأثير الحدث ينتقل بسرعة على مستوى الأفراد و المجتمعات. و لم تعد الشعوب مستقلة بعضها عن بعض كما كانت في الماضي. لذا فان ظاهرة التناقض ألظرفي المكاني أصبحت ظاهرة منتشرة في الشرق و الغرب. و ليس أدل على ذلك من حالة تلبس احد الغربيين بممارسة الجنس على الساحل في دولة الإمارات العربية و مقاضاته. انه مارس حرية يكفلها الغرب له (المكان الأول) و لكنه مارساها في دولة أخرى تعتبر هذا التصرف ممنوع قانونا (المكان الثاني). أو كما في مقاضاة عائلة مسلمة زوجوا ابنتهم من شخص اختاروه أهلها لها في انكلترا (المكان الثاني) و هذا يعد تصرفا غير قانونيا في انكلترا و لكنهم من الباكستان وهذا التصرف مقبول و مرحب به في هذه الدولة الإسلامية (المكان الأول). إن احتكاك المجتمعات المختلفة زاد من ظاهرة التناقض هذه. وما الانتقال المكاني إلا سببها الأساس. و من ظواهر الانتقالات المكانية الخطرة التي عانت منها المجتمعات ظاهرة الاستعمار و الاحتلال. من خلال هذه الانتقالات تتم السيطرة على مجتمع في موقع مكاني أخر و خلال هذه العملية تحدث الكثير من التغيرات الاجتماعية الخطرة. مثال ذلك خضوع المجتمعات العربية للسيطرة العثمانية و بغطاء ديني و لمدة خمسة قرون تقريبا أدى إلى الكثير من التغيرات الاجتماعية و الفكرية و قاد إلى انحطاط اجتماعي ثقافي خطر مازالت أثاره المدمرة فعالة لحد ألان.
إن الانتقال المكاني حالة مألوفة و طبيعية لكون المكان عبارة عن امتداد يمكن الحركة خلاله و بثلاثة أبعاد. الانتقالات المكانية تتم خلال فترة زمنية لا تشكل تغيرات الأحداث فيها شيئا يذكر. الزمن هنا لا يشكل قيمة انتقالية كما يشكل تغير المكان. و الامتداد لا يدرك إلا من خلال إشغاله أو احتلاله وعلى ذلك يعرف المكان من خلال وجود المادة فيه. أما الزمن الامتداد الآخر فيدرك من خلال التغير و الحركة.
و لكن هذا الامتداد الزمني هو ببعد واحد فقط فهل يمكن احتلاله و السكون فيه مثل احتلال المكان و السكون فيه و البقاء و عدم المغادرة؟ الاستعمار أو الاحتلال هو نوع من أنواع الانتقال من مكان إلى أخر ثم الاستقرار و السكون في المكان الجديد. و قد عرف تاريخ البشرية أنواع مختلفة من هذه الانتقالات المكانية. أما الانتقال عبر الزمن و احتلال الزمن لم يتم التطرق له إلا من خلال بعض الدراسات الفيزيائية النظرية الصرفة.
بعيدا عن الخيال العلمي الزمن يتجه باتجاه واحد من الماضي نحو الحاضر و المستقبل. و هكذا نتجه جميعا. و المادة لا يمكنها أن تنتقل من الحاضر نحو الماضي أو ما يسمى بانعكاس الزمن (أو الزمن السالب). من الناحية ألنظريه يمكن التعامل فيزيائيا مع الجسيم المنفرد هكذا و لكن الأجسام المركبة فالأمر مختلف. على أية حال ليست المادة هي ما نقصده في هذه الدراسة و إنما الأفكار و العادات و التقاليد ألاجتماعية.
وهنا نناقش مسألتين هما:
1-    الانتقال عبر الزمن
2-    السكون و احتلال الزمن
إن الأنماط الفكرية المختلفة يمكن أن تنتقل أو تحتل الزمن كما تحتل المادة المكان. و انتقال الأفكار عبر حواجز الزمن المختلفة مسالة طبيعية وهكذا و صلتنا أفكار و عادات الأقدمين و هذا الانتقال هو السبب الأساسي وراء تراكم المعرفة لتتطور و تنمو.
أما ألاستقرار الزمني أو الوقوف الزمني فهو حالة تصف الجمود و عدم التغير و مواكبة الزمن. وهناك الكثير من التيارات الفكرية التي ترى في الماضي النموذج الفريد الواجب بقائه وهذا ما يعني السكون و البقاء عند فترة زمنية معينه و عدم الرغبة في تجاوز حاجز الزمن. هذه الظاهرة هي ظاهرة احتلال الزمن و البقاء فيه وعدم مغادرة موقع معين فيه.
ظاهرة احتلال الزمن و محاولة التوسع بتصدير الثورات الفكرية القديمة عبر ألازمان الأخرى ظاهرة إجحاف لا تختلف في شيء عن ظاهرة احتلال المكان من قبل شعوب أخرى و فرض إرادتها على شعوب ألاماكن المحتلة. هذه الظاهرة هي السبب الأساسي وراء ما سبق وان أسميناه بالتناقض ألظرفي (ٍSituational paradox) و لكن بجانبه الزمني. و كما لا توجد أفضلية لمكان ما على أخر إلا من خلال اعتبارات نسبية فكذلك لا يوجد زمن أفضل من أخر.
لقد عرف الفكر العربي الإسلامي القديم ظاهرة الجمود الزمني ويمكن أن تكون مقولة المفكر الإسلامي الأول الإمام علي بن أبي طالب “لا تُكرهوا أبناءكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لجيل غير جيلكم” هي أقدم إشارة فكرية أدركت هذه الظاهرة و التي عمرها بحدود 1400 سنة. إنها تصريح بعدم الجمود و البقاء عند إحداثيات الإباء. هذه المقولة تأشر نقطة مهمة في تجنب المساهمة في خلق التناقض الزمني كظاهرة اجتماعية مابين جيلين ( جيل الآباء و جيل الأبناء). فكيف سيكون الحال لو تم التجاوز إلى عدة أجيال؟
أن معظم ظواهر التناقض الاجتماعي و المشاكل الفكرية و السياسية التي تعيشها الدول العربية و الإسلامية سببها الأساسي هو الاستعمار الزمني و السكون في إحداثيات الزمن القديم. لقد بقيت هذه الشعوب في حالة سبات حضاري لمدة طويلة من الزمن مما شكل ظاهرة فريدة في تاريخ المجتمعات البشرية. وأخطر تأثير لهذا الاستعمار الزمني هو سيطرته الفكرية التي تعيق حركة نهوض و تقدم هذه الشعوب بالرغم من إمكانياتها المادية الكبيرة.
لاشك أن من يفضل مكان على أخر يذهب و يقيم في المكان الذي يرغب به و على ذلك يجب ان يفعل من يحب الماضي عليه ان يذهب اليه ليعيش فيه لا ان يفرضه على الحاضر ليحتله.
© منبر الحرية، 30 مارس 2009

peshwazarabic10 نوفمبر، 20101

النشر العلمي هو واحد من مخرجات النشاط العلمي المختلفة. ويعتبر النشر العلمي مقياس للنشاط العلمي للفرد العالِم أو للمؤسسات العلمية. و له شروط وضوابط صارمة و هذا ما جعله في واحد من أعلى مراتب التقييم. على ذلك ليس كل ما ينشر يعد بحثا علميا، و ليست أية مطبوعة تنشر علما تعتبر مجلة علمية. كما انه ليس كل بحث ينشر يعد قفزة أو طفرة علمية.
كان لابد من هذه المقدمة البسيطة لتناول تقرير نشرته مؤسسة (Science-Metrix)  و بعنوان (“ثلاثون سنة في العلم) يهتم بدراسة العلاقة ما بين العوامل الجيوبولتيكية والنشاط العلمي وذلك من خلال دراسة النشر خلال الثلاثين سنة الأخيرة (1980-2009). إن هذه الفترة الزمنية تغطي أحداثا سياسية كبيرة وخطيرة مثل انهيار الاتحاد السوفيتي وما تبعه من تغيرات في أوربا الشرقية. أما في الشرق الأوسط فنجد الحرب العراقية الإيرانية واحتلال الكويت وتحرير الكويت وسقوط النظام العراقي السابق. ويشكل العراق الطرف المهم داخل هذه المشاكل الشرق أوسطية.
لقد استخدمت الدراسة مخرجات إحصائية من (Thomson Reuters, database) والخاصة بالنشر العلمي لتلك الفترة. و فيما يلي خلاصة سريعة لما  بينته هذه الدراسة :
أولا: أن بعض الدول المنسلخة عن الاتحاد السوفيتي السابق عانت تراجعا في النشر. في حين أظهرت بولندا و ليثوانيا و استونيا نموا واضحا.
ثانيا: كان النمو واضحا في الشرق الأوسط (حوالي أربعة مرات أسرع من المستوى العالمي) و تصدرت إيران و تركيا قمة النشاط.
ثالثا: ظهرت إيران على أنها أسرع دولة في العالم في بناء مقدراتها العلمية خلال العشرين سنة الماضية. و يعزو التقرير هذا النمو إلى البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.
رابعا: ساهمت قارة آسيا خلال الثلاثين سنة ب 155% من النشاط العالمي متجاوزة أمريكا الشمالية. أظهرت الصين نموا مذهلا حيث كان نموها أسرع بخمسة مرات من النمو الأمريكي. ولكن من جهة أخرى أظهرت الصين تباطأ في نمو العلوم الإنسانية و الاجتماعية مقارنة مع الولايات المتحدة.
خامسا: أدى احتلال الكويت إلى تراجع كبير في نشاطها العلمي واستطاعت الكويت استعادة نشاطها بعد التحرير إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى ما كانت عليه خلال عقد الثمانينات.
سادسا: أدت الحرب العراقية الإيرانية إلى تراجع النمو العراقي في نهاية الثمانينات ومن ثم انهيار النظام العلمي العراقي والذي استمر لغاية 2004 تقريبا.
سابعا: يعتقد التقرير بان هناك إعادة تشكيل عالمية للنشاط العلمي و يعطي لآسيا المكان المتقدم. حاليا تحاول أوربا الحفاظ على موقعها في حين أمريكا الشمالية تخسر موطئ قدمها لصالح آسيا و أمريكا اللاتينية.
مما يلاحظ أن التقرير كان قد ركز على النشر العلمي كمقياس للتقدم العلمي وهذا مقياس معتمد عالميا، إلا أن التقرير لم يبين مستوى النشريات العلمية و أنواعها التي تم اعتمادها في إحصاء البيانات و بذلك تكون مدخلات العملية الإحصائية غير واضحة. من جهة أخرى فإن مؤسسات النشر العلمي العالمي تتركز أساسا في أوربا و أمريكا و جنوب شرق آسيا و اليابان، و معظم النشاط العلمي العربي منشور في مجلات محلية غير معروفة عالميا.
على أية حال لقد لوحظ بعد منتصف القرن الماضي نوع من الانحسار في نشاط العلوم الصرفة لصالح النشاط التكنولوجي. و هذه الظاهرة نتيجة عوامل كثيرة لا مجال لتناولها الآن. و هذا ما قادني لافتراض توسيع نموذج أوكست كونت (المراحل الثلاث للتطور الفكري) ليكون على أربعة مراحل بدلا من ثلاث.
إن بروز النشاط الرابع (التكنولوجيا) لم يظهر إلا بعد وصول النشاط العلمي إلى نوع من الاستقرار في نموه. على ذلك نجد أن نمط النشاط العلمي التقليدي يكاد أن يكون مستقرا في أوربا و أمريكا التي عاشت نموا طبيعيا خلال القرون الخمس الماضية وهي الآن في قمة تربعها. إن الإبداع العلمي الذي و صفه الفيلسوف الأمريكي كون (Kohn) اخذ بالتباطئ و ربما كانت آخر ثورة علمية هي ثورة الخارطة الجينية في التسعينات من القرن الماضي. على ذلك نجد أن التجمعات الدولية المتقدمة والمترابطة علميا مثل الدول الغربية و حتى إسرائيل ذات نمو مستقر. يبلغ مؤشر النمو (Growth index) الأمريكي 0.73 في حين مؤشر النمو الإسرائيلي 0.94.
إن البحوث العلمية الصرفة أخذت تشهد انحسارا وقل إقبال الطلبة والباحثين عليها كما قل الدعم المالي المقدم لها. إن معظم حالات النمو العلمي المؤشرة ذات طبيعة تطبيقية و تمول بحثيا من شركات صناعية  أو مراكز بحوث تطبيقية، وهذه البحوث التطبيقية تعتمد على أساسيات العلوم الصرفة بمعنى آخر إن نتائج هذه البحوث ذات تطبيقات علمية متخصصة و ضيقة التطبيق، إنها تقود إلى ثورات تكنولوجية وليس ثورات علمية. و هذا ما يظهره التقرير في النمو الصيني.
أما بخصوص ظواهر النمو العلمي فقد اظهر التقرير أربعة أنواع من النمو:
نموا في بعض الدول التي تحررت من قيود الايدولوجيا (الشيوعية) و ذات بعد أوربي.
نمو في الدول التي تحاول النهوض مثل الدول العربية. وكان مؤشر النمو العربي مابين 0.47 للعراق و 3.29 لعمان.
نمو متسارع لإيران بلغ 11.07. و هذا نمو تحفيز مأدلج لأن مؤشرات التنمية البشرية التي أظهرتها الأمم المتحدة لم تبين نموا موازيا لهذا. و هذا ما يعني أن هناك تركيز مقصود على جانب معين من التنمية أكثر من الجوانب الأخرى. ويعرض التقرير مقدار التركيز على الكيمياء والهندسة – التكنولوجيا والفيزياء وحصلت فيزياء البلازما على أعلى مؤشر للنمو (95.8)، في حين حصلت الهندسة الميكانيكية على أوطأ مؤشر (12.5). لقد أظهرت الفيزياء حصولها على اهتمام عالي جدا في البحث العلمي الإيراني.
نمو علمي صناعي صيني مذهل. إن الثورة التقنية الصينية بدأت بعد انحسار الثورة الثقافية لماوتسيتونغ و زوال تأثيرها. أظهرت الصين نموا متسارعا في تخصصات تطبيقية مثل علم المواد و البوليمرات والمعادن والتعدين، وهذه التخصصات هي ذات طابق تقني.
بدأ النمو الإيراني نهاية الثمانينات في الوقت الذي بدء فيه التلاشي العلمي العراقي. استمر التلاشي العراقي إلى حدود عام 2004 حيث بدأ النمو من جديد و هو الآن في حالة تصاعد بطيء. رغم الأدلجة الدينية الإيرانية فإن إيران ذات قاعدة علمية علمانية تم تأسيسها في عهد الشاه السابق و بقت محافظة نوعا ما على البعض من التقاليد العلمانية السابقة. لقد ظلت العلوم الطبيعة التقليدية بعيدة نسبيا عن التسلط الأيديولوجي إلا أن العلوم الإنسانية والاجتماعية تراجعت كثيرا. لهذا بقى النشاط العلمي الإيراني على علاقاته العالمية بعد الثورة دون أن يتأثر كثيرا و استمرت البعثات الطلابية إلى الولايات المتحدة و الغرب عموما. و لا تختلف الثورة الإيرانية عن أي ثورة مؤدلجة في محاولة الاستثمار السياسي للعلوم في المجالات التي يهدف لها تطلعها الأيديولوجي.
التقدم الصيني الهائل الذي حدث بعد التخلص من الثورة الثقافية المؤدلجة لم يبنه التطبيل و الدعاية الجوفاء لتاريخهم المجيد، بل الذي بناه هو التخلص من الأدلجة المتزمتة و الانفتاح على العالم و السوق الحر. الباحث الصيني الآن لديه مختبرات وكتب و مؤسسات نشر صينية، ومؤسساته العلمية على صلة مستمرة بأشهر مؤسسات العلوم و التكنولوجيا في العالم، و هناك علاقة ما بين ما تنتجه البحوث و ما تتبناه التكنولوجيا. هناك أربعة عناصر مترابطة في النمو الصيني وهي النمو الصناعي والنمو العلمي و النمو الاقتصادي، إضافة لعامل مهم وهو القدرة البشرية الهائلة و قابلية الفرد على تقبل الأفكار الحديثة، حيث لا يوجد تعارض ما بين الموروث التقليدي و الحداثة. هذه العناصر تبين أن النمو الذي حققته الصين نموا حقيقيا مترابط العناصر و ليس نموا مؤدلجا أو بهدف ادعاء التحضر و المعاصرة.
النشاط العلمي يعتمد على عدة عناصر مثل توفر الدعم المادي والنمو الاقتصادي والحرية الفردية و الاجتماعية والقدرة على الخلق و الإبداع. بالإضافة للتأثيرات الفردية للحرية على الفكر الإنساني المبدع فان الحرية الاجتماعية تدعم الاندماج العلمي عالميا و تساعد على التكامل العلمي ما بين الدول. أما علاقة الحرية بالإبداع فإنها ضرورة ملحة و تطمح المجتمعات المعاصرة على تربية أجيالها على الإبداع وعدم التقليد .
إن الكثير من المجتمعات العربية تعتبر من أغنى المجتمعات ذات الثروة الطبيعية، ورغم أن الجانب الاقتصادي واحد من عناصر النمو العلمي إلا انه ليس كافيا لخلق بيئة علمية منتجة. قد يتمكن العرب من استجلاب المختبرات و الأساتذة الأجانب وإنشاء مراكز البحوث و..، ولكن لن يتمكنوا من خلق بيئة علمية منتجة بدون حرية فكرية وتربية مدرسية تربي روح الإبداع وتخلق مجتمعا منفتحا. إن طبيعة الموروث التقليدي للفرد ما تزال مناهضة للتحديث حتى لدى الكثير من العلميين. مثل هذه الظاهرة المحبطة غير موجودة في المجتمعات الصينية و اليابانية.
بالإضافة للأمثلة التي يمكن استخلاصها من التقرير فان ظاهرة الارتباط ما بين الحرية و التطور تم تشخيصها في تطور العلوم عند العرب خلال الفترة مابين 700م-1000م، و كذلك تطور العلوم في الغرب بعد عام 1400م تقريبا.  النمو العلمي العربي البسيط  الذي ذكره التقرير هو الآخر ناتج الحرية النسبية التي عاشها العرب بعد اندحار التسلط العثماني مطلع القرن العشرين وظهور المؤسسات الحديثة ولكن التأثيرات الفكرية لفترة الانغلاق العثمانية ما تزال ذات سلطة اجتماعية هائلة تعيق الفكر الحر حتى الآن. لقد تمكنت تركيا من الحد من تأثير الفكر العثماني المغلق، وهذا ما قادها إلى نمو قدرهُ التقرير ب5.47. رغم التقبل النسبي للمجتمعات العربية لهذه المؤسسات العلمية الغريبة عنها إلا أن هذه المجتمعات ما تزال غير قادرة على التعامل مع العلم ومؤسساته بكفاءة.
لقد جاء تسلسل النمو العلمي العربي في الشرق الأوسط خلال الثلاثين سنة الماضية كما يلي مع مؤشر النمو:
عمان 3.29
الإمارات العربية المتحدة 2.7 (هناك عدة مؤسسات حديثة لدعم البحوث العلمية)
لبنان 1.88
الأردن 1.7
سوريا 1.52
اليمن 1.31
قطر 1.22 (تأسست فيها عام 1995 مؤسسة قطر و هي مؤسسة راعية و داعمة للبحوث العلمية)
الكويت 1.06
مصر 1.0 (أقدم دولة عربية من مجال العمل العلمي)
البحرين 1.0
المملكة العربية السعودية 0.96
العراق 0.47 (تأثير الوضع السياسي).
إن معظم الناتج البحثي العربي هي عبارة عن أعمال أكاديمية يجريها طلبة البحوث لكون مؤسسات البحوث العربية تجربة حديثة في معظم الدول العربية. و مع زيادة الأكاديميات العربية تزداد البحوث. مثل هذا النمو البحثي و النمو في النشر العلمي لا يعني نموا مماثلا في الإنتاج الصناعي والتطبيقات لهذه البحوث. كما لم يصاحبه نموا اقتصاديا ملازم للتطبيقات. إن هذا النمو لا يعدو عن كونه نموا منفصلا لا تأثير اجتماعي له. الدول العربية عموما تعاني من انفصال كبير ما بين المؤسسات الأكاديمية و البحثية والصناعة لكون الصناعة مستوردة أساسا وليست ناتجا محليا. لذلك يبقى الانجاز البحثي دائما معزولا و أكاديميا فقط و من ثم لا قيمة محلية له.

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018