الحرية الاقتصادية في العالم العربي

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

مسقط، عُمان – إن الفكرة المتمثلة في أن الحريّة الاقتصادية هي أمر جوهري لتقدم البشر قد أخذت تنتشر في العالم العربي. وأثناء عشاء احتفالي أُقيم هنا وحضره المئات من الديبلوماسيين العرب والضيوف البارزين الآخرين، فقد قامت منظمة عمانية جديدة، وهي مؤسّسة البحوث الدولية، بنشر تقرير “الحرية الاقتصادية في العالم العربي” والذي يوضّح كيف أن الفروق الكبيرة في السياسات داخل المنطقة يمكن أن تُحدث فروقاً كبيرة في النتائج الاقتصادية.
ينظر التقرير في 39 حالة متغيّرة في 16 بلداً بالمنطقة، حيث تتراوح من حجم الحكومة إلى السياسة النقدية والمالية والانفتاح التجاري والتنظيم وسيادة القانون. إن التقرير الذي جرى نشره بالاشتراك مع معهد فريزر، علماً أن مؤشّره العالمي حول حرية الاقتصاد معروف جيداً، يوحي بأن ما يصدق على العالم ككل يصدق أيضاً في العالم العربي: إن البلدان التي تتمتع بحرية اقتصادية تميل إلى أن تصبح أكثر ازدهاراً وتنمو بشكل أسرع.
تقول الدراسة بأن “العالم العربي هو لحاف مرقّع بألوان مختلفة من النظم الاقتصادية”. لذلك، فإن مدى التبادل الطوعي وأمن حقوق الملكية وحريّة التنافس وحريّة الاختيار تختلف بشكل واسع داخل المنطقة. إن لبنان وعُمان متعادلتان بالنسبة للمقام الأول فيما يتعلق بمفهوم حريّة الاقتصاد، في حين تتعادل كلّ من الإمارات العربية المتحدة والكويت في المقام الثاني. وتأتي كلّ من سوريا والجزائر في أسفل القائمة.
إن بعض المراقبين قد لا يفاجئون بحقيقة أن البلدان التي تتمتّع بحرية اقتصادية أكبر والتي تهيمن عليها دول النفط، تنزع أيضاً إلى تحقيق إيرادات أكبر. إن معدّل دخل الفرد في كلّ من عُمان والكويت يبلغ 13032 دولاراً و 17073 دولاراً على التوالي، في حين يبلغ معدّل دخل الفرد في سوريا فقط 3651 دولاراً، على سبيل المثال. ولكن النفط ليس دائماً نعمة، إن العديد من الدول غنية بالنفط ولكن، نظراً لأن حكوماتها تستطيع الوصول بسهولة إلى ثروة النفط، فإنه يتم فعل القليل لتحسين الاقتصاديات الشاملة لتلك الدول والأوضاع المادية لمواطنيها. وهكذا تصبح الثروة النفطية عائقاً لحريّة الاقتصاد. لقد عملت “لعنة النفط” على ابتلاء بلدان مثل فنزويلا ونيجيريا والمكسيك وروسيا.
إن لعنة النفط ليست بهذه الشدّة تماماً في دول الخليج. فدول النفط بوجه عام تنجز بشكل أفضل من الدول العربية الأخرى. وقد يكون سبب ذلك مرتبطاً بالتجارة. ومن الجدير بالذكر أن دول النفط المدرجة في التقرير (لم يتم إدراج العراق بسبب الافتقار إلى معلومات) قد احتفظت لمدة طويلة بمستوى عالٍ نسبياً من حرية التجارة. إن وجود نظام تجاري متحرّر يعتبر هاماً لأنه يخلق ديناميكية سياسية محلية تشجّع الناس على المشاركة في أنشطة منتجة بدلاً من السعي للحصول على محاباة من الحكومة. وباختصار، فإن التجارة الأكثر تحرّراً تقلّل من قدرة المصالح الخاصة على تخفيض الحريّة الاقتصادية، وقد تساعد على زيادة الحريّة الاقتصادية في مجالات أخرى.
لقد لعبت الإمارات العربية المتحدة دوراً إيجابياً بصفة خاصة في تشجيع حرية التجارة والاقتصاد. ويشير سالم الإسماعيلي، وهو مؤلف مشارك في وضع مؤشر حرية الاقتصاد العربي، إلى الإمارات العربية المتحدة -وهي البلد الخليجي الذي احتفظ بنظام تجاري حرّ لأطول مدّة– بأنها تقدّم انطباعاً عملياً وواقعياً للدول المجاورة. وبما أن تجارتها قد بقيت حرّة نسبياً خلال العشرين سنة المنصرمة، فقد عملت الإمارات العربية المتحدة بشكل مطّرد على زيادة مستوى الحرية في مجالات أخرى لاقتصادها، حيث قامت بجذب الاستثمارات وتحقيق النمو. وقد قامت بلدان أخرى بمحاكاة هذه القدوة. إن التنافس في السياسات بين البلدان هو هام بشكل مماثل للتنافس في السوق.
ومع ذلك، يلاحظ التقرير أنه في العالم العربي “تظلّ معظم أنواع التفاعل الاقتصادي… محدودة وغير هامة بشكل ملفت للنظر”. فالتجارة بين بلدان الشرق الأوسط تمثّل فقط حوالي 8 بالمائة من تجارة المنطقة. إن الافتقار إلى حرية الاقتصاد في عدد كبير من البلدان العربية يحدّ من التجارة، ممّا ينتج عنه أن الدول الأكثر غنى “تجد منتجات أفضل وأرخص خارج المنطقة بدلاً من دول المنطقة التي تتوفّر فيها الأيدي العاملة، والتي بدأت حريّة الاقتصاد فيها تصبح منخفضة نسبياً”.
وتبقى هنالك مشاكل أخرى حتى في البلدان العربية الأكثر تحرّراً من الناحية الاقتصادية. ففي عُمان، على سبيل المثال، ارتفعت نسبة البطالة إلى 15 بالمائة، وحكومتها، التي تقوم بتوظيف حوالي نصف القوى العاملة العمانية، حجمها كبير. ولحسن الطالع، يبدو أن هذا البلد يدرك بأن احتياطياته النفطية لن تدوم إلى الأبد، وبالتالي فقد استمر في رفع مستواه الخاص بحريّة الاقتصاد. إن التقدّم المذكور في عُمان ودول الخليج الأخرى ولبنان يمنح الأمل بأن كافة الدول العربية تستطيع تحقيق ودعم الرخاء الاقتصادي.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 3 كانون الثاني 2006.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.
جميع الحقول المشار إليها بعلامة * إلزامية

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018