حدث شيء كبير في أسواق العملات في 1 تموز، ولكن إذا كنت من قراء وسائل الإعلام الشائعة العامة فقط، فلربما يكون الحدث قد فاتك. ففي ذلك التاريخ، جعلت روسيا الروبل قابل للتحويل كلياً، ولأول مرة منذ 8 آب 1914. وبشكل أدق: فقد رفعت جميع القيود على دخول وخروج تدفقات الروبل من البلاد وأصبح ممكناً الآن الإتجار بالروبل بحرية في الأسواق الدولية، ويستطيع الأجانب الآن الاحتفاظ بودائع بالروبل في روسيا، كما في الخارج. لم يعد مطلوبا من المستثمرين الاحتفاظ بودائع، دون الحصول على فوائد عليها، في البنك المركزي (ودفع ضريبة ضمنية) عندما يستثمرون في أسواق روسيا بمداخيلها المحددة.
هل تسبب هذا التسهيل في هجوم على الروبل؟ كلا وبعيداً جداً عن ذلك. فعلى امتداد العام المنصرم، ارتفعت قيمة تبادل الروبل 6.3% مقابل الدولار، بما في ذلك ارتفاع 0.7% تم تحقيقه منذ تموز. هذا التوجه نحو الأسواق الحرة هو تطور إيجابي جداً في بلد عانى من فترة تحول قاسية، من الشيوعية إلى الرأسمالية. إن سوق رأس المال الروسي المتعاظم يبشر بأن يصبح أكثر عمقاً، وأكثر كفاءة، وأكثر اندماجاً كلياً بالأسواق الدولية. وباختصار، فإن التحول، من شأنه أن يدفع روسيا مراحل أخرى إلى الأمام نحو العولمة، وبالتالي تنشيط التدفقات الرأسمالية نحو الداخل، وإلى المزيد من مكاسب الروبل أمام الدولار.
لماذا فات المراسلين نقل قصة الروبل؟ ذلك لأنهم قد قرروا في عقولهم بأن فلاديمير بوتين يجر بألباب روسيا إلى عهد التسلط القديم. إنهم لا يستطيعون حتى التصور—ناهيكم عن الكتابة—بأنه باستطاعة أحد رجال كي.جي.بي السابقين قيادة أي نوع من أنواع الليبرالية الاقتصادية.
وإذا انتقلنا من موسكو إلى باريس، فإننا نكتشف قصة عملة جديرة بلفت النظر. فمنذ ألقى الجنرال شارلز ديغول خطابه الشهير، في شباط 1965، والذي دعا فيه إلى إيجاد دور للذهب في نظام العملات الدولي، لم يكن سراً بأنه كان لدى فرنسا استراتيجية عملات دولية: أي نظام يناهض هيمنته الدولار الأمريكي هو نظام جيد. هذا يفسر، بطبيعة الحال، لماذا كان الفرنسيون من المتحمسين لوحدة النقد الأوروبية في عام 1999.
جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي منذ 2003، يروّجُ لوجهة نظر فرنسية عندما يقول بأن “اليوان” الصيني الرخيص قد أعطى للصين ميزة تجارية منافسة وخلق تشوهات وفقدان توازنات عالمية خطيرة.
إن المحافظين الجدد من دعاة الحماية في إدارة الرئيس بوش، تؤيدهم جماعات إقليمية ضيقة الأفق من ذوي المصالح الخاصة، قد وقعوا في هذه المصيدة الفرنسية. وفي الحقيقة، فإن الولايات المتحدة هي التي قادت الحملة لإرغام الصين على فك ارتباط اليوان بالدولار، والسماح بتعويم اليوان. فإذا ما تم ذلك، فإن الفرنسيين سوف يكونون قد حازوا على جائزتهم. ذلك أن البلدان الأخرى، التي تربط عملاتها بالدولار، والتي تشكل كتلة الدولار الآسيوية، سوف تقطع ارتباطها بالدولار، وعندها تتبعثر الكتلة شذر منذر. من شأن ذلك إرجاء هيمنة الدولار إلى الوراء، وزرع عوامل عدم الاستقرار فيما كان يعرف بكتلة الدولار الآسيوية، ويعيق تدفق الوفورات الآسيوية إلى الولايات المتحدة.
هنالك طريقة جدية يستطيع الصينيون بواسطتها تفويت الأمر على أنصار الحماية، الفرنسيين والأمريكيين، سواء بسواء: تطبيق سعر ثابت للمبادلات بين اليوان والدولار، وفي الوقت ذاته تطبيق نظام تحويل حرٍّ كامل. مثل هذا التغيير، سوف يترك الصين حيث هي تريد أن تكون، وبنفس النظام النقدي المعمول به في هونغ كونغ. سوف تظل كتلة الدولار الآسيوية متماسكة. أعتقد أنها فكرة سيئة شراء اليوان، على أمل أن الصينيين سوف يسمحون برفع رئيسي لقيمة اليوان. تطور نقدي آخر يستحق الاهتمام: فقدان الفرنك السويسري لموقعه كحصن آمن.
ربما تتوقع بأن الحرب في الشرق الأوسط وارتفاع أسعار النفط والذهب سوف يجعلان اللجوء إلى الفرنك موئلاً يحافظ على القيمة. يضاف إلى ذلك، أن الاقتصاد السويسري، يدفع بنمو قوي، وبطالة منخفضة، وتضخم منخفض، وفائض ضخم في ميزان المدفوعات. ورغم ذلك، فإن الفرنك السويسري، يجري التبادل به بأدنى سعر على امتداد ست سنوات مقابل اليورو، وبأدنى سعر على امتداد سنتين مقابل الإسترليني.
ماذا يمكن أن يفسر هذه الظاهرة المحيِّرة؟ انخفاض الفوائد في سويسرا (سعر المال لسنة يكلف 2%) قد جذب اقتراضاً واسعاً بالفرنك، من قبل الأفراد، والفعاليات الاقتصادية الصغيرة في شرق أوروبا (وبالأخص هنغاريا) وتركيا. بيد أن على أولئك المقترضين المدللين أن يسددوا أقساط قروضهم الفرنكية، بمداخيل محددة بـ”الفورنت” الهنغاري، والليرة التركية، وبالتالي خلق تناقض نقدي خطير. إنه تحطم قطار في انتظار أن يقع—وبالأخص عندما تكون عجلة القيادة مع مبتدئين غير متمرسين. وعندما يقع الانهيار، توقع أن يتبع ذلك ارتفاع حاد في قيمة الفرنك الفرنسي. بِعْ عقود البيع الآجل في اليورو/السويسري، في سوق التبادل السلعي في شيكاغو.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 11 أيلول 2006.