peshwazarabic

peshwazarabic11 نوفمبر، 20100

ازداد الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 45% في السنوات الخمس الماضية؛ فقد عانت الحكومة من عجز في موازنتها في ثلاثة وثلاثين سنة من السنوات السبعة والثلاثين الماضية؛ فكانت كلف برامج البالغين تنتفخ وتفرض أعباء كبيرة على كاهل الأجيال القادمة من العمال الشباب.
من الواضح ان صانعي السياسة يعجزون عن إدارة “حكومة حكيمة مقتصدة،” كما نصح توماس جيفرسون في خطابه التنصيبي الافتتاحي. المشكلة الرئيسة هي أن قواعد الموازنة الفيدرالية قد تكدست لصالح توسع البرامج المستمر. ان أدوية الرعاية الصحية الباهظة والانفجار في الإنفاق الحكومي توضحان كيف ان انعدام السيطرات البنيوية يقود إلى زحف غير منتظم للإنفاق، والإنفاق والإنفاق.
تتم إدامة بعض الانضباطية، على مستوى الولاية، من خلال السيطرات الموازناتية المكثفة. فعلى سبيل المثال، ان لدى كل ولاية (ما عدا فيرمونت) متطلبا تشريعيا او دستوريا للقيام بموازنة موازنتها المالية. بالإضافة إلى ذلك، ان لدى قرابة العشرين ولاية نوعاً من الحد النهائي للايرادات او الإنفاق. فقد حدد دستور كولورادو نمو إيرادات الولاية عند حاصل جمع نمو السكان زائدا التضخم. أما الإيرادات الزائدة فوق الحد المقرر فتسترد إلى دافعي الضرائب. ان هذا النوع من الحد الأعلى في الموازنة هو ما تحتاجه واشنطن بالتحديد.
نادرا ما جرّب الكونغرس الحدود العليا في الموازنات. ان قانون غرام-رودمان-هولنغز لعام 1985 قد فرض سلسلة من الحدود والأهداف لانخفاض العجز على مدى خمس سنوات. فاذا لم تتم تغطية هدف العجز في عام معين، يقوم الرئيس بصورة أوتوماتيكية بقطع الإنفاق او منعه عن مجموعة واسعة من البرامج. استبدل الكونغرس قانون غرام-رودمان-هولنغز بقانون تفعيل الموازنة لعام 1990، والذي فرض حدا سنويا أعلى على حرية التصرف بالإنفاق، وجعل من الأكثر صعوبة توسيع برامج الحكومة.
أما إصلاحات الموازنة المالية الأكثر وضوحا فقد أخفقت في المرور. فقد اقترح مجلس الشيوخ عام 1982 تعديلا لموازنة الموازنة المالية في الدستور، وصوّت لصالحه 69 ضد 31، ولكن التعديل اخفق في الحصول على موافقة الثلثين في المجلس. اما في عام 1995 فقد اقترح المجلس تعديلا لموازنة الموازنة المالية بأغلبية 300 صوت ضد 132، ولكنه فشل بفارق صوت واحد في مجلس الشيوخ.
يسعى اصلاحيو اليوم نحو طرق تشريعية، وليس دستورية، للسيطرة على الموازنة المالية، والتركيز على سيطرة الإنفاق، وليس تقليل العجز، بسبب الإدراك بان العجز هو منتج عرضي لمشكلة الإنفاق المفرط.
يقوم النائبان جون كامبل (نائب عن ولاية كاليفورنيا)، وتود اكين (نائب عن ولاية ميزوري) بتقديم مشاريع قوانين لتضع حدا تشريعيا أعلى على النمو السنوي في إجمالي الإنفاق الفيدرالي. وستغطي هذه السيطرة ليس فقط حرية التصرف في الإنفاق في ظل قانون تفعيل الموازنة، بل برامج الحكومة أيضا. سيكون هذا مفهوما لان البرامج هي التي تدفع الحكومة صوب الأزمة المالية.
في ظل سيطرة الحد الأعلى، سيجري تحديد نمو الإنفاق مقارنة بنمو مؤشر مثل الناتج المحلي الإجمالي او الدخل الشخصي. من الخيارات الأخرى في قياس الحد الأعلى هو مجموع نمو السكان زائدا التضخم. على سبيل المثال، إذا تنامى السكان بنسبة 1% والتضخم بنسبة 3%، فان الإنفاق الفيدرالي يمكن إن ينمو إلى 4% كحد أعلى. ان سيطرة الحد الأعلى ستضمن أن الحكومة لا تستهلك حصة زائدة من الاقتصاد، مثلما ستفعل في ظل السياسات العامة المعتادة في واشنطن. إذا ما انتهت السنة المالية ولم يتم ضبط السيطرة، سيكون لزاما على الرئيس قطع الإنفاق الشامل، بواسطة النسبة المئوية المطلوبة لكي تسد حاجات الحد الأعلى. تمتلك قوانين غرام-رودمان-هولنغز، وقانون تفعيل الموازنة، آليات للحجز او المصادرة، ولكنها لا تغطي سوى أجزاء من الموازنة.
لن تحلّ سيطرة الحد الأعلى للإنفاق مشكلاتنا المالية. ولكنها ستوفر حماية ضد سيناريو الحال الأسوأ للمزيد من الإنفاق الذي يحدد الرئيس بوش حجمه، ولكن ذلك لن يضمن قيام الكونغرس بإتباع خطة إصلاح مرتقبة، مثل الخطة الجديدة من لجنة دراسة المجلس الجمهوري.
من المساوئ الأخرى للحد الأعلى للموازنة هي انه إذا ما قرر صانعو السياسة أنهم لا يريدون الالتزام بها، فإنهم يستطيعون إلغاءها. إذا ما كانت هناك سيطرة للحد الأعلى، فان المحافظين داخل الكونغرس وخارجه سيتوجب عليهم الدفاع عن رمز بارز من التقيّد المالي. وبمرور الوقت، سيسهم الوعي الشعبي والعرف الموازناتي في دعم تفعيل السيطرة.
يحتاج المحافظون إلى أفكار إصلاح جديدة ليلتفوا حولها. عند الذهاب إلى انتخابات عام 2006 والانتخابات الرئاسية الأولية لعام 2008، سيدّعي كل مرشح ان يكون مسؤولا ماليا، وسيعبر عن اهتمامات ومخاوف جدية حول الإنفاق المفرط والعجز. وسيكذب معظم المرشحين، أيضا.
ان وضع سقف للإنفاق، والذي هو اختبار فاصل لكافة المعتقدات المتعلقة بالموازنة المالية لكل مرشح، لهو فكرة إصلاح جديدة سيبدأ الكونغرس بالجدل حوله مباشرة. هل يجب استمرار موازنة الحكومة في النمو بسرعة تفوق سرعة نمو موازنة العائلة المتوسطة؟ ام على صانعي السياسة ان يقوموا ببعض المبادلات ويقطعوا برامج الأسبقيات المتأخرة؟ إذا كان القادة الجمهوريون يعتقدون بالخيار الثاني، فعليهم اعتناق سيطرة شاملة للحد الأعلى على الإنفاق الفيدرالي. ان القيام بهذا الشيء سيوقظ أيضا الدعم والتأييد من القاعدة المحافظة ذات التشكيك المتزايد.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 6 أيلول 2006.

peshwazarabic11 نوفمبر، 20100

أود التحدث عن الأفكار الرئيسية في كتابي وعنوانه: مستقبل الحرية: الديموقراطية غير الليبرالية في الوطن والخارج، وأحاول تطبيقها على الولاية الواحدة والخمسين. ربما لم تدركوا بعد أن لدينا ولاية واحدة وخمسين، ولكنه حقاً لدينا، وهي تدعى العراق. وقد حصلنا عليها على أساس مبدأ العلاقات الدولية المتغطرسة الذي أسماه توماس فريدمان مبدأ حظيرة الفخار: “إن تكسرها، تشتريها”. الآن وقد امتلكناها، علينا أن نحسب كم ستكلفنا وكيف سنصلحها. وينطوي هذا على ضرورة أن نعرف جزءاً من العالم لم نكن نألفه من قبل ولم نتعرف عليه كما يجب. يعرّف آمبروز بيرس الحرب في كتابه الرائع:قاموس الشيطان، على أنها طريقة الله لتلقين الولايات المتحدة درساً في الجغرافيا. شرعنا الآن في أجندة طموحة جداً في العراق. ولكن جلب الديمقراطية للعراق أمر صعب. وأعتقد أنه سيكون صعباً بسبب شيء تجسده الفكرة الرئيسية فعلاً في كتابي -فما نريد جلبه إلى العراق ليس الديموقراطية فحسب، بل الديموقراطية الليبرالية. في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية كانت هناك حركة كبيرة صوب الديمقراطية في معظم أرجاء العالم، لكن العديد من الحكومات التي تشكلت في تلك العملية لا تبدو، ولا تشعر، ولا تفوح منها رائحة الديمقراطية.
لديكم، مثلاً، حكومة هوغو شافيز في فنزويلا التي كانت في الأساس حكومة دكتاتورية منتخبة. ولديكم حكومة في روسيا يديرها فلاديمير بوتين. قام بوتين، الذي تم انتخابه بحرية ونزاهة، بعزل نصف حكام الأقاليم وتعيين حكاماً أعلى مرتبة بدلاً منهم، وطرد ثلث أعضاء البرلمان الروسي (الدوما)، وأرعب الإعلام الروسي وهو الذي كان يوماً إعلاماً حراً ونابضاً بالحياة، وأرغمه على السكوت التام، وما زال يواصل حرباً على الشيشان قام بخلالها الجيش الروسي بقتل قرابة 100 ألف شيشاني معظمهم من المدنيين. أهذه حقاً ديمقراطية؟
الليبرالية إزاء الديمقراطية

يتألف النموذج الغربي للحكومة، الذي نعتز به، من عرفين مختلفين بعض الشيء، أصفهما في كتابي: العرف الليبرالي الدستوري، والعرف الديمقراطي. ويتمكرز العرف الديمقراطي على المشاركة العامة في الحكومة—أي على الانتخابات أساساً. وأفضل تعريف للديمقراطية هو أنها شكل من أشكال الحكومة يتم فيه اختيار نظام الحكم بانتخابات حرة ونزيهة.
من ناحية أخرى، فإن الليبرالية الدستورية لا تتمكرز على عملية اختيار الحكومات بل على أهداف الحكومة. والهدف في العرف الليبرالي الدستوري هو الحفاظ على الحرية الفردية، ذلك العرف الذي بدأ مع ماجنا كارتا (الميثاق الأعظم)، بل حتى قبل ذاك التاريخ، يكون منصبّاً على القيود المفروضة على السلطة الحكومية. ومن الناحية التاريخية، استوجب الأمر تطوير الحصون والمتاريس لحماية حقوق وحريات الأفراد من السلطة التعسفية—من قبل الدولة أو الكنيسة أو المجتمع.
كثيراُ ما نرجح أن هذين العرفين متشابهان نوعاًً ما، وكثيراً ما ينظر إليهما على أنهما شيء واحد، لأنهما قد اندمجا معاً في العالم الغربي. ولكنهما في الواقع مختلفان تماماً كما أنهما انبثقا في مفاصل تاريخية مختلفة تماماً.
بزوغ الحرية الغربية

أستهل كتابي بالرجوع إلى عام 324 بعد الميلاد لأن ذلك—في اعتقادي—هو تاريخ بدايات الحرية الغربية، كان قسطنطين حينذاك قد قرر أن يحوّل عاصمته من روما إلى بيزنطة. لقد كان قراراً في غاية الأهمية لأنه اصطحب معه كل بلاطه وحاشيته باستثناء شخص واحد وهو أسقف روما. وبفعله هذا بدأ قسطنطين عملية فصل الكنيسة عن الدولة. وللمفارقة أصبحت الكنيسة أول وأكبر محك أو رقيب على سلطة الدولة في العالم الغربي. وقد كانت بحق المرة الأولى في التاريخ الإنساني التي تستطيع فيها مؤسسة مستقلة عن السلطة الحكومية أن تدقق وتراقب عمل وسلطة الحكومة.
ثم تلتها سلسلة متعاقبة كاملة من المؤسسات والتقاليد المشابهة في العالم الغربي، وظهور الأرستقراطيات الإقطاعية التي راقبت وضبطت سلطة الحكومة أيضاً. ولم تكن ترمي في أغلب الأحيان هذه الرقابات إلى حماية حرية الفرد. كانت الماجنا كارتا، مثلاً، عبارة عن ميثاق خاص لحماية امتيازات البارونات. كانت وثيقة تقول للملك: “لا يمكنك التعدي على حقوق البارونات.” ولكنها، بهذا الفعل، حدّت من السلطة الملكية المطلقة. ثم تلاها أيضاً بروز الرأسمالية التي كانت على الأرجح المحك أو الرقيب الأشمل على سلطة الدولة لأنها أنتجت طبقة كاملة من الناس، وهي الطبقة البرجوازية، التي استقت قوتها من المجتمع وليس من الدولة. وقد أثمر ذلك عن مجتمع مدني مستقل، وهو اصطلاح يشير في أصوله إلى رجال أعمال القطاع الخاص. وفي الواقع كان القاضي النزيه (غير المنحاز)، وليس الاستفتاء العام، هو رمز الحكومة الغربية.
ولقد استغرق ذلك مئات السنين إلى أن وصلنا إلى الديمقراطية. ومن المهم جداً أن نتذكر أن بريطانيا عندما اعتُبرت المجتمع الحر الدستوري الأكثر ليبرالية في العالم عام 1800—بعد أن تغنى بمديحها مونتسكيو (الشاعر الفرنسي)—لم يصوت حينها سوى 2% من البريطانيين. وكي لا نعتبر أنفسنا مختلفين في هذا الخصوص، في انتخابات عام 1824، لم يصوت سوى 5% من الأمريكيين. ولكن أمريكا حرصت بقوة على أن يسود حكم القانون وعلى احترام وحماية حقوق المُلكية وحقوق أخرى. قاد عرف القانون إلى الديمقراطية ومن ثم تداخلت مع الديمقراطية لتفرز الديمقراطية الليبرالية.
الاستبدادية المنتخبة في أوروبا

انحرف هذان التقليدان حتى في التاريخ الغربي. يتبادر إلى أذهان الناس أحياناً أن أدولف هتلر جاء إلى السلطة في ألمانيا بانقلاب سري معين، ولكن هذا ليس صحيح على الإطلاق. إذ أنه جاء إلى سدة الحكم عقب الانتخابات الشهيرة والتي تم التلاعب فيها في تشرين الثاني عام 1933. ولكن كانت هناك ثلاثة انتخابات قبل ذاك فاز فيها الحزب النازي بأغلبية الأصوات. ظهرت النازية والفاشية والقومية الشعبية في أوروبا على أعقاب حركات شعبية حقيقية وغالباً عن طريق الانتخابات.
إننا لا نحاول أن نجلب إلى العراق المشاركة الشعبية—عملية اختيار الحكومة—فحسب، بل نحاول أن نجلب تقليداً طويلاً متكاملاً من الأعراف الدستورية والليبرالية الغربية. يستطيع أي فرد كان أن يجري انتخابات، ولكن من الصعب جداً أن يخلق حكم القانون، وأسس حقوق المُلكية، وسلطة حكومية استجابية وشفافة ونظيفة. سيكون هذا صعباً لأن العراق يواجه في طريقه عقبتين أو ثلاثاً.
لعنة النفط
أولاً مشكلة النفط. أسميها مشكلة مع أن الكثيرين في الحكومة الأمريكية يعتبرونها حلاً. قبيل الحرب كنا نقرأ تصريحاً بعد الآخر لمسؤولي الحكومة وهم يمجّدون فضائل النفط—موضحين كيف أن النفط يعني تنمية الاقتصاد العراقي، ويدفع تكلفة جهود إعادة الإعمار، وكيف أنه سيضع البلد على طريق سلس نحو الحداثة.
هناك مشكلة واحدة فقط في هذه النظرية. من بين جميع البلدان النفطية في العالم، تعد النرويج دولة الاقتصاد الرأسمالي العامل الوحيد، ذات نظام حكم لبيرالي ديمقراطي. وكانت النرويج قد حصلت على ديمقراطيتها قبل اكتشاف النفط بوقت طويل. وفي كتابي، وصفت الدول ذات الحصول السهل على واردات النفط “بدول صندوق الائتمان.” مثل هذه الدول لا تتكبد عناء تحديث مجتمعاتها، وتحديث قوانينها، وبناء اقتصاد السوق. فباستثناء النفط، تساوي الصادرات التجارية لكل العالم العربي الذي يبلغ عدد سكانه 290 مليون نسمة، صادرات فنلندا التجارية بسكانها الأحد عشر مليوناً. والسبب يكمن في أن المنطقة يمكنها الحصول بسهولة على دخل لا يتطلب كداً أو جهداً.
أمة مقسمة

هذه المشكلة ليست اقتصادية فحسب، بل إنها سياسية أيضاً، لأن الحكومة عندما لا تحتاج إلى أن تجبي الضرائب من شعبها، فإنها لا تحتاج أن تعطيه شيئاً بالمقابل. أما نحن فقد تعلمنا ذلك بالطريق الأصعب. لقد اندلعت الثورة الأمريكية لأن الأمريكيين شعروا بأنهم يدفعون الضرائب من دون أن يكون لهم تمثيل يذكر في البرلمان البريطاني. أما العائلة المالكة السعودية فقد عقدت صفقة مختلفة مع شعبها. فهي تقول: “لن نفرض عليكم الضرائب ولن نمثلكم.” وهذا الأمر، بمعنى ما، عكس شعار الثورة الأمريكية القائل: “لا ضرائب، لا تمثيل.” ويؤثر هذا الاختلال الوظيفي السياسي على جميع المجتمعات الغنية بالنفط.
والمشكلة الجسيمة الأخرى هي أن العراق ممزق بالاختلافات. فشعبه شيعة وسنة وأكراد وتركمان، وفئات أخرى. ولأجل معرفة ما الذي يمكن أن ينجم عن هذه الاختلافات، إرجعوا إلى تاريخ أوروبا وأنظروا كم كان من السهل على أصحاب الخطب الدهماء أن يحشدوا الناس على أساس المناشدات الوطنية الفجة. قبل عشر سنوات فقط، شاهدنا وضعاً مشابهاً في يوغوسلافيا السابقة، البلد حكمه قادة دكتاتوريون شموليون لعقود من الزمن. تقوّض نظام الحكم السابق وإنهار، ومن الفراغ راح الجميع يندفعون صوب الانتقال السريع للديمقراطية. غير أنه كان على القادة السياسيين الصرب والكروات أن يقوموا بحملات للحصول على الأصوات. لم تكن مناشداتهم الشعبية جداً، والمؤثرة جداً متعلقة بالإصلاح التعليمي أو السياسة الضريبية، بل كانت مناشدات فجة للعِرق، أو الدين، أو الطائفة، أو المجموعة الإثنية. خرجت دائرة القومية الصربية والقومية الكرواتية عن نطاق السيطرة. فكانت النتيجة تصفية عرقية، وبالتالي الشروع في الإبادة الجماعية.
لا يجب أن يحدث هذا بالضبط في العراق، ولكن العراق يمتلك حقاً ثقافة سياسية ما زالت فتية وغضة جداً، إذ لم تكن السياسة أو الأحزاب السياسية مسموحاً بها من قبل. فأخذ الناس يتحركون ويتعبأون على أساس الراديكالية الشيعية، أو الأصولية الإسلامية، أو القومية الكردية. وربما يواجه الليبراليون العلمانيون صعوبة بالغة في حشد الجماهير وفي المناشدة لأجل الأصوات.
تاريخ من القمع

أما المشكلة الأخيرة فهي أن العراق بلد شرق أوسطي. وأعني بهذا أنه، كسائر بلدان الشرق الأوسط، اتبع نمطاً معيناً في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية. كان نظام حكم علماني ذا توجهات غربية تحول فيما بعد إلى نظام استبداد. فرجال الشرق الأوسط من الصداميين والناصريين والأسديين يرتدون جميعاً البذلات، وجميعهم محدثون على الطراز الغربي. وعندما تنظر إليهم شعوبهم لا ترى سوى الطغيان والقمع.
كان هؤلاء الحكام يزجون في السجن أي فرد يلمح، ولو بإشارة، بمعارضةٍ سياسيةٍ أو يحاول تأسيس حزب سياسي—أو حتى نادي روتاري. قال لي صديق مصري مؤخراً: “لو جلس أربعة أشخاص في مقهى في مصر وتحدثوا عن السياسة، لَزُجوا جميعاً في السجن.” المكان الوحيد الذي لم يمنعه أحد في الشرق الأوسط هو الجامع. لذا فإن كل الاستياء والتطرف يعد وينظم في الجامع، وأصبح الدين لغة المعارضة السياسية في الشرق الأوسط. لم يسمح صدام حسين بوجود الأحزاب، ليبرالية كانت أم محافظة، ديمقراطية أم جمهورية. ولكن مثل كل قائد في الشرق الأوسط، لم يتجرأ على إغلاق الجوامع، ولم يخذل شيوخ القبائل. وهكذا، عندما انهار نظام الحكم، بقيت المساجد والقبائل قائمة فاعلة.
الحرية قبل الديمقراطية

إذا ما نظرتَ إلى الحالات الناجحة لدى البلدان غير الغربية التي قامت بتحولات نحو الديمقراطية الليبرالية الأصيلة، تجد أن جميعها تقريباً متمركزة في شرق آسيا أو مستعمرات سابقة للامبراطورية البريطانية. وإن جميعها اتبع نمطاً متبايناً عن النمط الغربي—أي حكم القانون والرأسمالية أولاً، ومن ثم الانتخابات والديمقراطية. ومن الأمور التابعة، في الحال المثالي، هو أن تُعدَّ مؤسسات الحرية في المكان المناسب قبل إرساء دعائم الديمقراطية. إذا أجريت الانتخابات أملاً بأن الدستورية ستبزغ فيما بعد، فإن ذلك قد لا يتحقق.
في إفريقيا، قام اثنان وأربعون بلداً من أصل ثمانية وأربعين بإجراء الانتخابات، وانتجوا حكومات كانت في الأغلب غير ليبرالية تماماً. ولكن في بلدان مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، وماليزيا، وتايلاند، حيث أقاموا حكم القانون، وطبقة تجارية وأخرى وسطى مستقلة، ومن ثم الديموقراطية، تحقق لدينا شيئاً بالغ الأهمية. الديمقراطية هي العمل الشاق والجاد. إنها تستحق كثيراً أن نسعى إلى نشرها، ولكنها تحتاج إلى عملية من إشاعة روح التحضر والتحرر أكبر مما يتصور الناس.
© معهد كيتو، مصباح الحرية، 2 كانون الثاني 2006.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

في ظل الحراك العالمي والمستجدات التي تفرضها قضايا العولمة، لا بد من وجود قانون يستجيب لتلك المشاكل المترتبة على فرضية تداخل الفضاءات، ويحدد العلاقة بين الدول والقانون والمجتمع على كافة الصعد. حيث يمكن الاستفادة من هذه المرحلة الحالية التي تشهد إلى حد ما الانتقال من دولة الشرعية إلى دولة القانون.
إن واقع الإدارة العالمية الاقتصادية لن يكون مستقراً، إلا إذا برز نظام كوني متجانس قادر على مواجهة القوى الاحتكارية، وتطبيق كل قواعد الحكمانية عليها من المجاهرة والإيضاح والشفافية والديمقراطية وتحمّل المسؤولية الاجتماعية، وهنا تكمن أهمية القضاء ودوره. وإلا فإن كل صيحات الديمقراطية الاقتصادية الجديدة ومضمونها ستكون نظاماً دولياً احتكارياً لم يشهد العالم مثيلاً له. وإذا طغت السيطرة على النظام الاقتصادي العالمي، فإن كل دعاوى الديمقراطية الاقتصادية التي نسمعها ستكون مجرد همسات في ريح عاتية. وفي حال غياب أداة قادرة على الفصل كالمحاكم تكون قد تركزت دعائم دكتاتورية السياسة الدولية. وفي هذا الإطار يمكن الرجوع إلى عمل منظمة التجارة الدولية لمحاولة فهم هذه المتغيّرات، خاصة نشاطها على الصعيد القضائي.
إن إجراء تقييم دقيق للسجل القضائي لمنظمة التجارة العالمية، يظهر أن النظام قد سجل تقليصاً لدور الدبلوماسية الدولية وعمل بالمقابل على تعزيز حكم القانون. والنزاعات التجارية الدولية الآن تسوّى من قبل منظمة التجارة العالمية، وعلى أساس حكم القانون وليس من خلال اللجوء إلى سياسة القوة المحضة. وتمنح تلك المنظمة كل عضو حقوقاً متساوية وكذلك التزامات متساوية في قبول النتائج، ومن أكثر الأمثلة تعبيراً عن واقع عمل هذه المنظمة على الصعيد القضائي، هو ما يتعلق بقضية الهرمونات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا. والمسيرة القضائية لمنظمة التجارة العالمية أثبتت نجاحها بوجه عام على الرغم من بعض الملاحظات والاعتراضات على مسيرتها القضائية كالاعتراضات على نظام التسويات القضائية للمنظمة مثل سرية المداولات، ونفقات المقاضاة …الخ.
وتظهر سجلات منظمة التجارة أن عدد الخلافات أو الشكاوي الواقعة بين الدول والتكتلات داخل المنظمة حتى نهاية العام 2005 بلغت نحو 335 شكوى بين الأعضاء، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هي أكثر الدول الشاكية والمشكو منها أيضاً. وتشير إحصاءات المنظمة أن عدد الشكاوي الموجهة من الولايات المتحدة ضد الدول الأخرى بلغت 81 شكوى منذ العام 1995، فيما بلغ عدد الشكاوي ضدها 90 شكوى. والنسبة العظمى من الخلافات التي تم تقديمها إلى المنظمة، مقدمة من قبل الدول والتكتلات الكبرى، فيما الدول النامية والصغرى وهي التي تعتبر الأكثر تضرراً من غيرها من الواقع الاقتصادي العالمي، هي الأقل تقدماً أو تذمراً أمام مراجع المنظمة القضائية.
والقضايا المطروحة في أروقة المنظمة متنوعة منها ما يتعلق بحقوق الملكية، وفرض قيود على حرية وصول المطبوعات، وسياسة الإغراق. وفي نيسان2007 تقدمت الولايات المتحدة بشكوى ضد الصين تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وشكوى أخرى تتهم الصين بوضع قيود على حرية وصول المطبوعات والأفلام والموسيقى الأجنبية إلى الأسواق الصينية. وأصدرت منظمة التجارة العالمية أول أحكامها ضد الصين وشملت القضية ثلاث دعاوى رفعتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا في شأن الضرائب التي تفرضها على واردات مكونات السيارات، وهذا أول حكم ضد بكين منذ انضمامها لعضوية المنظمة عام 2001، وطالبت لجنة فض المنازعات في المنظمة من الصين بمطابقة نظام الواردات لديها مع قواعد التجارة العالمية.
والخلافات القضائية داخل المنظمة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معظمها قائم على دعم الدول لصناعتها وزراعتها التي تصب في خدمة ودعم الشركات. وقد تكون المنافسة القضائية بين الشركتين، إيرباص وبوينغ تدخل في إطار استراتيجيات الدول التي تعتبر صناعة الطيران صناعة استراتيجية تدخل في صميم الأمن القومي السياسي والأمني والاقتصادي. فالولايات المتحدة قدمت شكوى ضد مؤسسة الطيران الأوروبية، تتهم فيها الحكومات الأوروبية بتقديم الدعم لشركة إيرباص، وتعتبر هذه القضية من أكثر القضايا تعقيداً التي تبت بها المنظمة الدولية. وقد قدمت الولايات المتحدة أدلة على أن السلطات في مقاطعة ويلز، قدمت 9,5 مليون دولار على شكل منحة لتدريب فنيين جدد لطائرة إيرباص A350 المنافسة لطائرة البوينغ 787 حيث يحاول كلا الطرفين تقديم الأدلة والبراهين على مخالفة الطرف الآخر لمبادئ المنظمة ودعمه لشركته الوطنية. ولقد أصدرت منظمة التجارة العالمية حُكمها القضائي المكون من حوالي 1200 صفحة والذي تدين فيه الاتحاد الأوروبي.
قوى السوق بأمسّ الحاجة إلى سلطة القضاء من أجل إعطائها الشرعية القانونية، ومن أجل صون ملكيتها وحماية حرية عملها. والمنظمات غير الحكومية تستطيع أن تلعب دوراً على صعيد العمل القضائي للمنظمة، من خلال الحق الذي أعطي لها في تقديم مذكرات النصح والإشارة لهيئة الاستئناف في منظمة التجارة العالمية. ويمكن الاستفادة من السلطة القضائية العالمية للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة في ما يتعلق بقضايا النزاعات المسلحة وانتهاك حقوق الإنسان. فلا بد من الإشارة إلى نظام المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بمسؤولية الاشتراك في الجريمة، والذي يمكن أن يخلق مسؤولية جنائية دولية للموظفين والمسؤوليين. وعلى المجتمع المدني الضغط والعمل لإيجاد تعديلات في نظام المحكمة من أجل إدراج مسؤولية المؤسسات عن الانتهاكات، في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
المجتمعات بحاجة إلى قوانين مالية واقتصادية وسياسية تنظم حركة الأسواق الاقتصادية بكافة جوانبها، والقضاء قد يكون مدخلاً لهذه الحركة. وإلى أن يتم الاتفاق على وضع تلك القوانين، يبقى القضاء وقدرته على الحركة خاصة من باب الاجتهادـ المدخل الأسهل والأسرع لمعالجة هذا الوضع. وفي إطار لعبة السلطة والسلطات المضادة يمكن للقضاء أن يملأ الفراغ الناتج عن هذه المتغيرات، سواء على صعيد الفاعلين من شركات، منظمات غير حكومية، حكومات، منظمات دولية، أفراد، أو الأسواق وضروراتها. وفي ظل عصر السوق لا يمكن إيجاد توازن بين كل تلك الجهات سوى من خلال القانون. وفي ظل غياب مدلول قانوني معولم واضح لكثير من القضايا الشائكة. وقد تكون قرارات واجتهادات المحاكم المدخل لواقع جديد يتبلور في ظل التباين في العلاقة بين العولمة والقانون.
© منبر الحرية،17 أكتوبر/تشرين الأول 2010

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

استنتج لارس جونونج وإيوين دريا (2010) في دراستهما أن الموقف المتشائم الذي اتخذه معظم الاقتصاديين الأمريكيين من اليورو خلال الفترة 1989 – 2002 “كان قد نشأ على الأرجح نتيجة ميل الاقتصاديين الأمريكيين إلى اعتبار اليورو مشروعا سياسيا  دوافعه غامضة يقوم على قاعدة مؤسسية منقوصة.” لو كان معظم الاقتصاديين الأمريكيين يعتقدون أن اليورو هو مشروع سياسي، إلى حد كبير، فقد كانوا على صواب في اعتقادهم هذا. حين نقرأ قصص ظهور اليورو، فإن من الواضح أن السياسة، وليس الاقتصاد، هي سيدة الموقف (براون 2004؛ مارش 2009).
لكن هذه النظرة الواقعية (التي تقول بهيمنة “السياسة”) لا تشجع الفرد على اتخاذ موقفً متشائم ولا متفائل من اليورو. انطلاقا من خبرتي كمستشار في إصلاحات العملة في أوروبا في تسعينيات القرن العشرين، لاحظت بصورة مباشرة أن العامل المهيمن هو السياسة أي أنها هي المحدد الرئيس، وأحيانا بعض الاعتبارات الشخصية، وليس اقتصاد مناطق العملة المثلى. كما لاحظت أن الأمر  يمكن أن يؤدي إلى إصلاحات جيدة رغم ذلك.
في إستونيا، التي أنشأت عملة مستقلة في عام 1992، كان الهدف القومي المهيمن هو الخروج من منطقة الروبل، وبصورة أشمل، الخروج من دائرة نفوذ موسكو. كانت أكثر الطرق ملائمة لإنجاز هذا الهدف وبشكل سريع هي إنشاء مجلس للعملة. وكان المحرك الرئيس لقيام ليثوانيا بإصلاحات مماثلة لعملتها عام 1994 هو دور رئيس الوزراء أدولفاس سليزيفيكيوس Adolfas Slezevicius. حيث كان منجذبا لفكرة  مجلس العملة، لأنها كانت سبيلاً لتهميش محافظ البنك المركزي، وفرض الانضباط في المالية العامة على الحزب الذي ينتمي إليه (وهو حزب العمل الديمقراطي)، الذي كان يسيطر على البرلمان. وفي بلغاريا، أدى تضخم مفرط عام 1997 إلى هياج شعبي عنيف يطالب بأموال سليمة ومجلس للعملة، وهي فكرة ترددت في الأوساط المهنية منذ عام 1991. والواقع أن ترجمة هزيلة (باللغة البلغارية) لبحث قديم كنت قد كتبته عام 1991 (هانكي وشولر 1991)، قد احتلت قائمة الكتب الأكثر رواجاً في صوفيا أثناء فترة التضخم المفرط. كذلك أنشأت البوسنة والهرسك مجلساً للعملة في عام 1997. وقد كان هذا البند مفروضاً بحكم اتفاقية ديتون – باريس للسلام، وهي معاهدة دولية وقعت في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1995. أما جمهورية الجبل الأسود، فرغم انتمائها آنذاك لإتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية إلى جانب الصرب، إلا أنها تخلت عن الدينار اليوغوسلافي واستعاضت عنه بالمارك الألماني في تشرين الثاني (نوفمبر) 1999. هذا القرار الجريء من ميلو ديوكانوفيتش (الذي كان رئيساً للجمهورية في ذلك الحين) كان جزءاً من إستراتيجية سياسية لتثبيت استقلال الجبل الأسود. كانت السياسة، وليس الاقتصاد، العامل الرئيس وراء قرار الجبل الأسود بتبني المارك الألماني، شأنه في ذلك شأن إنشاء اليورو.
لقد شعرت بسعادة كبيرة لوجود منطق سياسي وتأييد شعبي لإصلاحات العملة التي كنت أنادي بها.  لكن تهميش النقاط الاقتصادية الدقيقة لم تؤثر عليّ. جميع البلدان المذكورة آنفاً مستمرة حتى اليوم في السياسات النقدية التي وضعتها في تسعينيات القرن الماضي. (تحولت جمهورية الجبل الأسود إلى اليورو حين حل اليورو محل المارك الألماني.) وتم إتباع هذه السياسات إلى حد كبير لأسباب سياسية، لكنها استمرت لأنها حققت النتائج الاقتصادية القوية التي كانت مرجوة منها.
تستند آرائي حول أسعار صرف العملات إلى التمييز بين (ثلاثة أنظمة)، وهي نظام الأسعار المثبتة تثبيتاً تاماً، ونظام السعر المعوم تعويماً تاماً، ونظام ارتباط العملة. نظام أسعار الصرف الثابتة ونظام أسعار الصرف المعومة هو نظام تهدف السلطة النقدية من خلاله إلى تحقيق هدف واحد فقط في كل مرة. رغم أن نظامي سعر الصرف الثابت والمعوم يبدو عليهما الاختلاف، إلا أنهما عضوان في عائلة السوق الحرة نفسها. يعمل النظامان دون ضوابط على تبادل العملات، وهما من آليات السوق الحرة اللازمة في تعديلات ميزان المدفوعات. في نظام الأسعار المعوّمة، يضع البنك المركزي سياسة نقدية، لكن سعر الصرف يعمل من تلقاء نفسه. معنى ذلك أن القاعدة النقدية يتم تقريرها محلياً من قبل البنك المركزي. وحين يكون سعر الصرف ثابتاً، هناك احتمالان: إما أن يحدد مجلسُ العملة سعرَ الصرف، ويعمل عرض العملة من تلقاء نفسه، أو “يتدلور” البلد ويستخدم الدولار الأمريكي أو عملة أجنبية أخرى لتكون بمثابة عملته المحلية، ويعمل عرض العملة كذلك من تلقاء نفسه. من منظور أي بلد معين، يعتبر الاتحاد النقدي من قبيل منطقة اليورو شبيهاً بالدلورة (أي التحول لاستخدام الدولار). نتيجة لذلك فإن القاعدة النقدية للبلد (في ظل نظام سعر الصرف الثابت) يتم تحديدها من قبل ميزان المدفوعات، وتتحرك على أساس تناظر “واحد لواحد” مع التغيرات في احتياطياتها الأجنبية (بمعنى أن التغير في أي عنصر في المجموعة الأولى يكون مناظراً لعنصر واحد في المجموعة الثانية). حين يكون سعر الصرف ثابتاً أو معوماً فإن من غير الممكن وجود حالات من التضارب بين السياسة النقدية وسياسة أسعار الصرف، ولا يكون هناك مجال لأن تُطِل الأزمات في ميزان المدفوعات برأسها القبيح. الواقع أن نظام سعر الصرف الثابت ونظام سعر الصرف المعوم هما نظامان يتمتعان باستقرار كامن، على نحو تتصرف فيه قوى السوق بصورة آلية لإعادة التوازن إلى الحركات المالية وتجنب الأزمات في ميزان المدفوعات.
معظم الاقتصاديين يستخدمون كلمة “ثابت” وكلمة “مرتبط” على أنهما تعبيران متطابقان أو شبه متطابقين بخصوص أسعار الصرف. بالنسبة إلي، هذان النظامان يعتبران ترتيبين مختلفين تماماً لإدارة أسعار الصرف. أنظمة العملات المرتبطة هي أنظمة تسعى فيها السلطة النقدية إلى تحقيق أكثر من هدف واحد في الوقت نفسه. وغالباً ما تستخدم ضوابط الصرف في هذه الأنظمة، ولكنها ليست من آليات السوق الحرة فيما يتعلق بتعديلات ميزان المدفوعات. أنظمة العملات المرتبطة هي في جوهرها أنظمة عدم استقرار، وتفتقر إلى الآلية الأوتوماتيكية اللازمة لإحداث التعديلات في ميزان المدفوعات. كما تتطلب أنظمة العملات المرتبطة بنكاً مركزياً لإدارة كل من أسعار الصرف والسياسة النقدية. في ظل نظام من هذا القبيل، تشتمل القاعدة النقدية على عناصر محلية وأخرى أجنبية.
على خلاف أنظمة الأسعار المعومة والثابتة، تؤدي أنظمة العملات المرتبطة، بصورة دائمة، إلى تضارب بين السياسة النقدية وسياسة أسعار الصرف. على سبيل المثال، حين تصبح الحركات الرأسمالية الداخلة “مفرطة” في ظل نظام ارتباط العملات، غالباً ما يسعى البنك المركزي لتعقيم الزيادة الناشئة في العنصر الأجنبي في القاعدة النقدية من خلال بيع السندات، وبالتالي تقليص العنصر المحلي في القاعدة. وحين تصبح الحركات الخارجة “مفرطة” غالباً ما يسعى البنك المركزي إلى التعويض عن النقص في العنصر الأجنبي الداخل في تركيب القاعدة النقدية من خلال شراء السندات، وبالتالي زيادة العنصر المحلي في القاعدة النقدية. تندلع الأزمات في ميزان المدفوعات حين يبدأ البنك المركزي في التعويض أكثر فأكثر عن النقص الواقع في العنصر الأجنبي من خلال القاعدة النقدية المخلوقة محلياً. حين يحدث هذا، فإنها ستكون مسألة وقت قبل أن ينتبه مضاربو العملات إلى التناقضات بين سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية ويفرضون وضعاً يؤدي إلى تخفيض قيمة العملة، أو ارتفاع أسعار الفائدة، أو فرْض الضوابط على تبادل العملات، أو الأمور الثلاثة معاً.
أثناء الاستعدادات لإطلاق اليورو، كنت مسؤولا في إحدى صناديق التحوطhedge fund ، إلى جانب أعمال أخرى، وبالنظر إلى آرائي حول أنظمة أسعار صرف العملات، فإن تلك الفترة منحتني فرصا كثيرة للدخول في تداولات مربحة. لاحظت أن آلية أسعار الصرف Exchange Rate Mechanism (ERM ) هي نظام من أسعار الصرف المرتبطة (ضمن هوامش محددة) بين البلدان الأوروبية. وحين يعاني ’نظام ارتباط العملة‘ من مشاكل في بلد معين، فإن ما يحدث في العادة هو ارتفاع أسعار الفائدة في ذلك البلد، أو تتراجع قيمة عملته، أو الأمران معاً. من هذا المنطلق، كنت إما أقوم ببيع الودائع في بلد ذي عملة “ضعيفة”، أو التداول على المكشوف في عملات أوروبية أخرى ضد المارك الألماني. وكمثال على طريقتي في التفكير (وفي التداول)، كتبت في كانون الثاني (يناير) 1992 ما يلي:
خلال الشهر المقبل، سيدفع المارك الألماني الجنيهَ الإسترليني إلى أدنى مستوياته في نطاق “آلية أسعار الصرف” ERM. لمواجهة هذا الاحتمال، هناك أربعة استجابات بريطانية ممكنة في مجال السياسة النقدية. الأولى، هي السماح بتراجع قيمة الإسترليني لتصل إلى حوالي 2.5 مارك ألماني، والسماح في نهاية الأمر بانخفاض أسعار الفائدة قليلاً. الثانية، هي الدفاع عن الإسترليني واستعادة سعر صرف مركزي مقداره 2.95 مارك ألماني للجنيه من خلال رفع أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية تامة لتصل إلى 11.5 بالمائة. الثالثة، هي التفاوض في سبيل أن تكون هناك إعادة توجيه في ’آلية أسعار الصرف‘ ERM لتسير بمحاذاة الخطوط التي نقترحها (أي القيم التي يقترحها صندوق التحوط الذي كان يعمل فيه المؤلف). الرابعة، هي إعادة فرض القيود على تبادل العملات (لا سمح الله).
مهما كانت القوة المنطقية للخيار الأول والثالث، إلا أننا نعتقد أن البريطانيين استثمروا قدراً كبيراً من رأس المال السياسي في “آلية أسعار الصرف” ERM واعتماد السعر المثير للسخرية بمقدار 2.95 مارك ألماني للجنيه، وأن هذا الاستثمار سيدفعهم ولو على مضض إلى اختيار الخيار الثاني ورفع أسعار الفائدة. ننصح ببيع ودائع آذار (مارس) للإسترليني لثلاثة أشهر، وننصح بأن تكون نقطة التوقف هي 90 (صالح في أي وقت) (هانكي 1992).
وكما تبين فيما بعد، كان هذا التداول مربحاً. لكن حكمي بخصوص الإجراء الذي تتخذه بريطانيا بشأن الجنيه الإسترليني جعلني أفَوِّت فرصة التداول الكبير يوم الأربعاء الأسود، أي السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 1992، حين عوّمت الحكومة سعر الصرف، أي أنها من الناحية العملية خفضت قيمة الجنيه بدلاً من رفع أسعار الفائدة أكثر من ذي قبل.
مع ذلك كانت هناك خسائر مرتبطة بالرهانات ضد الارتباط في “آلية أسعار الصرف” ERM. كان أبرزها ما وقع في نهاية تموز (يوليو) 1993، حين تعرض السعر المرتبط في فرنسا، المسمى الفرنك القوي franc fort، لضربة موجعة (سولتزر 1993). نتيجة لذلك تم توسيع النطاق الضيق (أي التغير في الهوامش) من 2.25 بالمائة إلى 15 بالمائة حول الأسعار الرئيسية.
كنت أعتبر اليورو سليماً من الناحية التقنية، لأنه يتطلب سعراً ثابتاً للصرف بدلاً من الأسعار المرتبطة بين البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، لكن آرائي حول السياسة النقدية بخصوص اليورو كانت متشائمة بصورة عامة أثناء فترة الاستعداد لإطلاقه. كان الأساس الذي يقوم عليه رأيي المتشائم هو الفكرة القائلة أن اليورو القوي من شأنه على المدى الطويل أن يتطلب دولة مركزية قوية، كما أشار روبرت مونديل (2000). وفي حين أنني أتفق مع تشخيص مونديل، إلا أنني لم أكن أعتقد، أن الدولة المركزية القوية هي أمر مرغوب فيه، وما زلت لا أعتقد ذلك، فبالنسبة لي، يمثل الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية طبقات إضافية من الناحية السياسية والبيروقراطية من شأنها إعاقة التحرر الاقتصادي الأوروبي الذي تدعو الحاجة إليه بصورة ماسة.
وفي حين أنني متشكك بخصوص العملة المشتركة لأوروبا، إلا أنني فضلت التوحيد الأوروبي للعملة من خلال مجالس العملة (هانك وولترز 1990). ولم أكن وحيداً في ذلك. أثناء اجتماع في أيار (مايو) 1990 في برلين الشرقية مع كارل أوتو بول، رئيس البنك المركزي الألماني، أكد لي أنه يشاركني النظرة نفسها (مارش 2009، 131) وشجعني على المضي قدماً. إن مثل هذا المنهج في توحيد العملة، حيث يكون المارك الألماني هو العملة الرئيسية، كان سيعطي أوروبا استقراراً نقدياً، وفي الوقت نفسه كان بإمكانها أن تتجنب الزيادة التدريجية في سلطات الدولة والسلطات البيروقراطية التي صاحبت اليورو.
* ستيف هانكي هو أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور. وهو كذلك زميل أول في معهد كيتو في واشنطن العاصمة، وعضو في المجلس الاستشاري الدولي للبنك الوطني الكويتي، وعضو في المجلس الاستشاري المالي للإمارات العربية المتحدة، والرئيس الفخري لمجلس إدارة مجموعة فريدبيرج ميركانتايل Friedberg Mercantile Group في تورونتو. وقد عمل كاقتصادي أول في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس رونالد ريغان خلال العامين 1981 – 1982، وكان مستشاراً اقتصادياً لعدد من الحكومات. تشتمل آخر كتاباته على عمود منتظم في مجلة فوربس Forbes وعلى بحث بعنوان زمبابوي: من التضخم المفرط إلى النمو (2009).
‏مراجع:
‏Bogetic, Zeljko, and Steve H. Hanke. 1999. Cronogorska Marka. Podgorica,
‏Montenegro: Antena M.
‏Brown, Brendan. 2004. Euro on Trial: To Reform or Split Up? New York: Palgrave
‏Macmillan.
‏Hanke, Steve H. 1992. The Walters Critique. Friedberg’s Commodity and Currency
‏Comments, 26 January.
‏Hanke, Steve H. 1996/7. A Field Report from Sarajevo and Pale. Central Banking
7(3).
‏Hanke, Steve H., Lars Jonung and Kurt Schuler. 1992. Monetary Reform for a
‏Free Estonia: A Currency Board Solution. Stockholm: SNS Förlag.
‏Hanke, Steve H. and Kurt Schuler. 1991. Teeth for the Bulgarian Lev: A Currency
‏Board Solution. Washington, D.C.: International Freedom Foundation.
‏Hanke, Steve H. and Kurt Schuler. 1994. Valiutu taryba: pasiulymai lietuvai.
‏Vilnius, Lithuania: Lietuvos Laisvosios Rinkos Institutas.
‏Hanke, Steve H. and Alan Walters. 1990. “Reform Begins With a Currency
‏Board.” Financial Times, 21 February.
‏Jonung, Lars, and Eoin Drea. 2010. It Can’t Happen, It’s a Bad Idea, It Won’t
‏Last: U.S. Economists on the EMU and the Euro, 1989-2002. Econ Journal
‏Watch 7(1):4-52. Link
‏Marsh, David. 2009. The Euro: The Politics of the New Global Currency. New Haven:
‏Yale University Press.
‏Mundell, Robert. 2000. The Euro and the Stability of the International Monetary
‏System. In The Euro as a Stabilizer in the International Economic System, ed.
‏Robert Mundell and Armand Clesse, p. 57-84. New York: Springer.
‏Sulitzer, Paul-Loup. 1993. Scénario-fiction pour une journée de cocaigne: Hunt,
‏Hanke, Goldsmith, Tsutsumi et les autres… Paris Match, September 2.
* أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي، جامعة جونز هوبكنز، بالتيمور، ميريلاند
ترجمة: عبد الله غيث
‎© منبر الحرية،3 أكتوبر/تشرين الأول 2010
تشتمل المنشورات التالية على نقاط اقتصادية دقيقة، واستخدمت كمراجع ومخططات لإصلاحات العملة في البلدان المذكورة بجانبها: إستونيا (هانكر وجونونج وشولر 1992)، ليتوانيا (هانك وشولر 1994)، بلغاريا (هانك وشولر 1991) البوسنة والهرسك (هانك 1996/1997)، الجبل الأسود (بوجيتيك وهانك 1999).

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

منذ القدم لجأت الدول إلى المياه لرسم حدودها ولحماية نفسها من المعتدين، أو لشن الهجوم على العدو ولقد تم استخدام المياه كوسيلة إستراتيجية وتكتيكية وكسلاح للضغط والدعاية. وتكمن أهمية مسألة المياه على عدة مستويات :
أولاً: الأمثلة التاريخية الدالة على تطبيق نظرية الحدود على الأنهار والبحيرات كثيرة جداً، ويكفي القول على أن 52% من الترسيمات الحدودية في أمريكا اللاتينية تتطابق مع مواقع هيدروغرافية، في مقابل 34% في أفريقيا، و25% في أوروبا، و23% في آسيا أي بمتوسط عالمي قدره 32%. حيث هذه الحدود الطبيعية تم التوصل إليها بعد حروب ومعاهدات صاغت تاريخ العلاقات الدولية منذ ما قبل الميلاد ومن هذا المنطلق تم استخدام المياه كوسيلة دفاعية وهجومية إستراتيجية وتكتيكية في الصراعات بين الأمم أو الدول.
ثانياً: المياه تغطي 71% من مساحة الكرة الأرضية ولكن 98% منها تحتوي على نسبة عالية من الملوحة تجعلها غير صالحة لمعظم الاستخدامات كما تشكل المياه وسطاً معقداً وهشاً وهي مصدر حياة الكائنات الحية وهناك القليل جداً من النشاطات البشرية سواء في الإنتاج أو الاستهلاك لا يستخدم المياه كمادة لا بديل لها.
تشير التقارير الدولية أن موارد المياه المتاحة لكل فرد في العالم سوف تتقلص بنسبة لا تقل عن 50%خلال الفترة الواقعة بين عامي 2000 – 2025، وتكمن الخطورة عند معرفة أن نسبة الاستهلاك العالمي للمياه تزداد بمعدل 8.4% سنوياً. وفي خضم هذا الواقع العالمي الذي يعاني من مشكلة نقص حاد في الوضع المائي أصبح تقاسم مصادر المياه ضرورياً أكثر فأكثر وصعباً بفعل تنوع الحاجات والاستخدامات واللاعبين. وفي ظل التقارير والدراسات التي تشير إلى أن القرن الحالي سيشهد حروباً داخلية وخارجية للسيطرة على المياه مثلما شهد القرن الماضي حروباً على النفط وتبدو المياه رهاناً استراتيجياً تدخل في صميم الأمن القومي لأي بلد سواء على الصعيد السياسي، الاستراتيجي، الاقتصادي الاجتماعي.
وعلى ضوء ما تم التوصل إليه عالمياً من اتفاقيات ومعاهدات لتنظيم هذا الوضع إلا أن هناك كثير من التساؤلات التي تطرح مستقبلياً لكيفية تعاطي الدبلوماسية مع هذه المسألة؟
فإذا كانت التقارير تتنبأ أزمات وصراعات مائية مستقبلية فهل هذا مؤشر على أهمية الدور الدبلوماسي في المستقبل؟ أم أن هذا الوضع الجديد يعبر عن حتمية الصراعات والنزاعات؟ أم أن طبيعة هذه النزاعات والصراعات المائية تحتم علينا العودة إلى الجغرافيا. ومن هذا المنطلق هل سوف تفرض الدبلوماسية الجغرافية – إذا جاز التعبير – نفسها وتضع الدول أمام خيارات غير تقليدية كواقع الصراع العربي الإسرائيلي؟ وهل هذا يدفعنا إلى القول أن العصر القادم هو عصر دبلوماسية الجغرافية المائية؟ فما هو حيز التحرك الدبلوماسي والسياسي لكل من الدول الغنية في مصادر المياه أو الدول شحيحة الموارد المائية؟
هل يمكن فهم الإستراتيجية التركية المستقبلية دون فهم السياسة المائية لتركيا الباحثة عن دور إقليمي متعاظم في منطقة يعاني 14 بلداً فيها إضافة إلى ثماني بلدان في الاتحاد السوفييتي سابقاً من مشاكل مائية وغذائية؟
كيف يمكن للدبلوماسية الكويتية التعاطي مع الثمن السياسي الذي سوف تدفعه الكويت مقابل الحصول على الماء في المستقبل سواء عن طريق إيران أو العراق؟
ما هو انعكاس أزمة المياه على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي؟وهل ستكون أزمة المياه المستقبلية بمثابة عود الثقاب الذي سوف يشعل فتيل الانفجار والصراع الحتمي؟ أم تكون تلك الأزمة بمثابة الباب الذي سوف يتم الدخول عن طريقه إلى مرحلة جديدة من العلاقات القائمة على التعايش الحتمي؟
وعلى ضوء ما يرسم من صورة قاتمة للوضع المائي العالمي والإقليمي يبقى التساؤل مشروع عن كيفية إيجاد السبل لحل هذه المعضلة سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي أو على صعيد القانون الدولي، طبعاً بالإضافة إلى السياسة العامة الداخلية في كل بلد؟
قد تكمن الخطورة في مسألة المياه بأنها تدخل في صميم الأمن القومي الأمن الغذائي, وتعتبر المياه كأحد المصادر الأكثر تفاوتاً في التوزيع في العالم حيث تتقاسم عشرة بلدان 60% من المياه العذبة في العالم وهي بالكيلومتر المكعب سنوياً كالأتي:
1- البرازيل 5670     2 – روسيا 3904      3- الصين 2880
4- كندا 2850        5- اندونيسيا 2530     6- الولايات المتحدة 2478
7- الهند 1550        8 – كولومبيا 1112   9- الكونغو الديمقراطية 1020
على سبيل المقارنة، فإن كل دول الاتحاد الأوروبي ما عدا النمسا وفنلندا والسويد تستفيد من 816كلم3في السنة, وعلى النقيض الآخر فإن البلدان الأكثر افتقاراً هي البلدان الأصغر أو الأكثر وعورة وهي من أسفل إلى أعلى بالكلم3 سنوياً:
الكويت والبحرين صفر تقريباً من المياه العذبة المتجددة،
مالطا 25، سنغافورة 600, كل من ليبيا والأردن 700, قبرص 1000.
وعلى طرف ونقيض آخر فإن سيرينام تملك تدفقاً سنوياً معدله مليوني متر مكعب لكل نسمة وإيسلندا 708000 م3، ومتوسط دول الاتحاد الأوروبي 2530م3.
وعلى صعيد عالمنا العربي فإن معظم مصادر المياه العربية تنبع من مصادر غير عربية مما يجعل الأمن القومي العربي قابل للاختراق من قبل كثير من الدول منها على سبيل المثال تركيا، أثيوبيا، إسرائيل. وكثيراً ما يتم استخدام المياه كسلاح تهديد ضد العرب والضغط عليهم وهو ما حدث فعلاً عام 1998 الضغط التركي على سوريا, وكما حدث أيضاً بين مصر وأثيوبيا. ولكن يبقى الأمر أكثر تعقيداً على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي حيث أمام هذا الوضع المائي الصعب فإن إسرائيل تقترح تعاوناً مائياً في المنطقة من فرضية أن العقدين القادمين من القرن الحادي والعشرين سيكونان على الأرجح عقدي صراع وتشاحن على موارد المياه في الشرق الأوسط وتعتبر أن حل أزمة المياه بالطرق التقليدية لم يعد يجدي نفعاً، وأنه لا مفر من أدوات وأساليب جديدة لإدارة هذا الصراع قبل أن يتحول إلى أزمة حادة يصعب حلها. وبالتالي تدخل مسألة المياه بالنسبة إلى إسرائيل في صميم الأمن القومي بل هي مسألة وجود بكل ما تحمله الكلمة من معنى وتحاول إسرائيل من خلال هذا الوضع المعقد أن تأخذ المياه كنموذج حتمي للدخول في سلام وتطبيع مع الدول العربية يخدم مصالحها الإستراتيجية.
وعلى ضوء هذه المعطيات يبقى التساؤل هل هناك إستراتيجية عربية واضحة فيما يتعلق بالأمن القومي المائي العربي؟ وهل الأمن القومي المائي لبعض الدول العربية سوف يفرض عليها خيارات قد تكون خارج إطار العمل العربي المشترك؟ وهل يمكن لنا التنبؤ بطبيعة العلاقة العربية في ظل الأزمة المائية مثلاً ماذا سيحدث في المستقبل بين مصر والسودان، العراق وسوريا، الأردن وسوريا؟ وهل هناك رؤية واضحة للمستقبل المائي ولكيفية التعامل مع الخيارات الحتمية المائية التي سوف تفرض نفسها على الصراع العربي الإسرائيلي؟
إن مسألة المياه في الإطار العام ولكونها أزمة عالمية فإن السبيل لحل هذه المعضلة يكمن على ثلاث مستويات:
أولاً- محلياً:
وهي تعبّر عن الحلول التقنية التي يمكن لكل دولة أن تنتهجها للحد من تفاقم الأزمة، ومنها ما هو قائم على سياسة ترشيد الاستهلاك، وإقامة السدود، تحلية مياه البحر، وإتباع سياسة زراعية قائمة على أخذ بعين الاعتبار الوضع المائي. والتوعية الوطنية القائمة على التربية على احترام هذه المادة الحيوية كثقافة خلقية المياه وهذا مثلاً ما فعلته الحكومة الكويتية رافعة شعار “الماء عديل الروح”.
ثانياً – عالمياً:
من الواضح أن أحد أسباب أزمة المياه عالمياً هو ما يحدث على صعيد عالمي من تلوث بيئي ينعكس يومياً على الوضع المائي وأقل ما يمكن قوله في هذا الإطار ما ينتج عن التلوث البيئي من ارتفاع في درجة حرارة الأرض مما يترك آثاراً خطرة للغاية على الثروة المائية العالمية. ومن هذا المنطلق تكمن أهمية الفاعلين الدوليين ومنهم المنظمات غير الحكومية المدافعة عن البيئة. ومسألة المياه عالمياً نموذج يؤكد – ويجب علينا أن نقر بذلك – بأن هناك دبلوماسية جديدة تظهر على الساحة الدولية وهو ما يعرف بدبلوماسية المنظمات غير الحكومية.
ثالثاً – قانونياً :
على الرغم من أن أشواطاً كبيرة قد قطعت عالمياً لوضع معاهدات واتفاقيات دولية لتنظيم مسألة المياه، ومن آخرها اتفاقية عام 1997 اتفاقية الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية إلا أنه في ظل استمرار التوزيع غير المتكافئ للموارد المائية والنمو المتزايد للطلب، تبدو المياه رهاناً استراتيجياً مولداً لأوضاع نزاعية بين الدول تبقى تحت رحمة موازين القوى في غياب تشريع دولي حقيقي ملزم في مجال المياه، بالإضافة إلى غياب الآلية الواضحة لكيفية التعامل مع المخالفين لهذه الاتفاقيات أو عدم المشاركين فيها.
مثلاً هل يمكن لدولة كتركيا لديها هذا الرهان الدولي الاستراتيجي أن تتخلى عنه؟
في النهاية نتساءل: إذا كان هناك في عصرنا الحديث نموذج صراعي ما بين الدول – فيما يتعلق بالمياه- تم حسمه عسكرياً ؟
قد تكون الإجابة على هذا التساؤل بمثابة المؤشر الذي على ضوئه يمكن رؤية وتحليل ما سوف تؤول إليه الأوضاع في المستقبل؟
© منبر الحرية ، 22أبريل /نيسان 2010

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

بالنسبة إلى الحمائيين والمصابين بالرهاب و الهلع من الصين، فإن الأنباء التي تقول إن الصين ستتفوق على ألمانيا لتصبح أكبر البلدان المصدرة في العالم هي أنباء تنذر بنظام عالمي جديد غير مرغوب فيه، لكن هذا الشعور والذي هو أكثر من كونه علامة على القوة الاقتصادية الصينية المتصاعدة، إنما هو شهادة على تراجع الحواجز  الاقتصادية والسياسية والطبيعية والتكنولوجية أمام الإنتاج.   ولقد بدأت الحواجز تزول مع ابتداءً التحرير الواسع لقواعد التجارة والاستثمار بعد الحرب العالمية الثانية، وأخذت المداخيل في الارتفاع في مختلف أنحاء العالم.   إن انفتاح الصين على الغرب في عام 1978، وسقوط جدار برلين في عام 1989، وسقوط الاتحاد السوفييتي بعد ذلك بسنتين، وانهيار الشيوعية كنموذج للبلدان النامية، وظهور عصر الشحن بالحاويات وانتشارها الواسع، وتكنولوجيا النظام العالمي لتحديد لمواقع GPS، وعرض السلع و الخدمات في الوقت المناسب والإنجازات الرائعة في  مجال المعلومات، والنقل، و ثورات الاتصالات كل ذلك أدى إلى نشوء تقسيم عالمي للعمل، والإنتاج يتحدى التحليل التقليدي و يجعل تقنيات المحاسبة  التي تتعلق بالتجارة مضلِّلة إلى حد كبير.
لم يعد الاقتصاد العالمي منافسة “بيننا وبينهم”، أو بين شركات الإنتاج “لدينا” و “لديهم، والذي حدث بدلاً من ذلك، بسبب الاستثمار عبر الحدود والإنتاج وسلاسل التوريد عبر البلدان، هو أن المصنع حطم جدرانه وهو يمتد الآن عبر الحدود والمحيطات. لقد أضحت المنافسة في غالبيتها في عصرنا الراهن منافسة بين العلامات التجارية الدولية أو الإنتاج وسلاسل التوريد التي تتحدى الهوية الوطنية.    لكن ما علاقة كل ذلك بوضع الصين كأكبر بلد مصدر في العالم؟
تعتمد الغالبية العظمى من الصادرات الصينية بصورة هائلة على الواردات من بقية أنحاء العالم. فالحديد يأتي من أستراليا، والرقائق الدقيقة من تايوان أو كوريا الجنوبية أو سنغافورة، وبرامج الكمبيوتر من فرق العمل في ريدموند( موقع شركة مايكروسوفت في ولاية واشنطن الأمريكية)، والتصاميم الجديدة من كامبردج في ولاية ماساتشيوستس الأمريكية، أو في بريطانيا، أو من مدينة تولوز في فرنسا، والاستثمارات من مجموعة من الشركات التي مقرها نيويورك أو ساو باولو أو جوهانسبرج.   أصبحت الصين أكبر بلد مصدر في العالم بسبب التقسيم العالمي للعمل أساسا،  تقسيم ساعد على تقليص الفقر وخلق الثروة رغم أن إنتاج الصين ذو قيمة مضافة أدنى. إن المكونات الداخلة في تصميم أجهزة آي بود وآي فون (من شركة أبل للكمبيوتر)  يتم تجميعها في الصين، لكن القيمة المضافة للتصميمات المعدة في كاليفورنيا أهم للشركة من حيث قياس التكاليف والأرباح. شركة إيكو Ecco الدانمركية لديها مصانع أحذية في مختلف مناطق آسيا، لكن أهم منتجاتها من الأحذية ما تزال تصمَّم وتصنع في أوروبا، حيث الجودة مضمونة والقوة العاملة تتمتع بتدريب عال، وتتلقى أجوراً أعلى.   لم تصبح الصين من البلدان الرئيسية في التجارة العالمية بفعل الصدفة، فقد استثمرت واستفادت من الواقع الجديد للإنتاج وسلاسل التوريد العالمية منذ  عام 1983 . وأزالت  من جانب واحد العوائق أمام التجارة، حيث أدركت أنها كانت تؤذي نفسها بذلك بالدرجة الأولى.
صحيح أن السياسات التجارية الصينية بعيدة عن كونها سياسات ممتازة، لكنها قامت بالتحرير بسرعة وعلى نطاق لا يستهان به، وهو أمر من شأنه تفسير الدور البارز للصين في الإنتاج والتوريد على المستوى العالمي، والسبب في ذلك هو التجارة متعددة الأطراف مع بقية العالم، على الرغم من الحجج التي تطرحها جماعات الضغط المناهضة للصين في أروقة الاتحاد الأوروبي، أو في نيودلهي وواشنطن.
لكن تظل هناك مشكلة حول حساب من هو الطرف الذي يكسب أكبر المبالغ من الصادرات. تُشحن البضائع المتوسطة التصنيع إلى الصين من بلدان مثل اليابان وتايوان وسنغافورة وأستراليا والولايات المتحدة، ثم يتم تجميعها (أو ربما إخضاعها لعمليات  تحويل تضيف من قيمتها) في الصين، ويتم تصديرها بعد ذلك، وحين تغادر هذه البضائع موانئ شنغهاي أو تيانجين أو جوانجدونج للتصدير، فإن القواعد المحاسبية البسيطة للتجارة تنسب القيمة الإجمالية بخصوص الصادرات المذكورة إلى الصين، حتى حين تكون القيمة الصينية الكامنة في تلك البضائع تشكل نسبة بسيطة.
هذا المنهج المحاسبي يفسر السبب في الارتفاع الكبير للصادرات الصينية على مدى العقود الماضية، في الوقت الذي تطور فيه تقسيم العمل وتكاثرت فيه سلاسل التصنيع.   في دراسة قام بها في الفترة الأخيرة مجموعة من الاقتصاديين في جامعة كاليفورنيا، خلص الباحثون إلى أن القيمة الصينية المضافة في جهاز آي بود 30G من أبل تشكل فقط 4 دولارات من إجمالي التكلفة البالغة 150 دولاراً، ومع ذلك فإن المبلغ الإجمالي بكامله يقيد على أنه صادرات صينية، وهناك دراسات حديثة أخرى تقدر أن إجمالي القيمة الصينية المضافة في جميع المنتجات المصدرة من الصين يبلغ في المتوسط بين 35 و 50 بالمائة، وهي نسبة كبيرة، لكنها أقل بكثير مما يمكن أن تنطوي عليه الأرقام الإجمالية للصادرات.
ما يؤيد ذلك الملاحظة التي جاءت في الفترة الأخيرة على لسان فولكر ترايَر، وهو اقتصادي لدى غرفة الصناعة والتجارة الألمانية: “حين تنمو الصين، فإن هذا يدفع الاقتصاد العالمي، وهذا أمر جيد لألمانيا ذات الاقتصاد الموجه نحو الصادرات كذلك.”  وحين ندرس المكانة الجديدة للصين كرائدة للصادرات العالمية، فإن من المهم أن نفهم معنى ذلك. هذه البيانات تتحدث بلغة مقنعة للغاية عن فضائل الاعتماد الاقتصادي المتبادل على نحو يفوق الحديث عن قوة الصين وحدها من حيث الصادرات، فهي تؤمن فرصاً لكل شخص لينضم إلى الاقتصاد العالمي، تماماً كما شهده الجزء الناجح في اقتصاد دبي الممثل في منطقة التجارة الحرة التي لم تتأثر بتداعيات الأزمة الأخيرة.
دانييل إيكنسون هو المدير المشارك لمركز دراسات السياسة التجارية، التابع لمعهد كيتو، ومؤلف “لم يعد الأمر نحن في مقابل هم” أليك فان جيلدر هو مدير للمشاريع لدى شبكة السياسات الدولية IPN.
© منبر الحرية،08 أبريل /نيسان 2010

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

عطش الصين للنفط في تزايد مستمر. ذلك البلد الذي يمتلك اقتصادا يحقق نموا استثنائيا بمعدل سنوي كبير مابين 8- 10 % جعلها تعتمد اعتمادا متزايدا على النفط المستورد. وأضحت ثاني اكبر مستهلك للنفط فى العالم بعد الولايات المتحدة. ولذا يقوم أمن الدولة الصينية حاليا على تأمين وضمان تدفق الطاقة. ويعتبر النفط أحد أهم محددات السياسة الخارجية الصينية ويلعب دوراً كبيراً في صنع السياسة الصينية. ومن هنا تحظي القارة الأفريقية باهتمام صانع القرار الصيني حيث تحركت الصين، من أجل تأمين تدفق هذا النفط والحصول عليه من القارة الإفريقية من خلال إستراتيجية تقوم على عدة محاور: من أهمها إنشاء عدد من الإدارات الخاصة لتنمية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الدول الأفريقية وتوسيع اختصاصات بعض الأجهزة والإدارات القائمة لتشمل كل أطر التعاون المشتركة. وتيسير إنشاء عدد من المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدنى الصينى المختصة بالشئون الأفريقية.ومنها أن بكين تلعب دور المورد للسلاح لأفريقيا، كما استطاعت الصين تقوية علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا عبر منتدى التعاون الصينى الأفريقى الذى انشىء بمبادرة من بكين عام 2000 وضم ست وأربعين دولة أفريقية، ومن أهم إنجازاته اسقاط 1,2 مليار دولار من ديون القارة. وهناك أيضا ًمجلس الأعمال الصينى – الأفريقى الذى أنشىء فى نوفمبر 2004 بغرض دعم إستثمارات القطاع الخاص الصينى فى كل من الكاميرون، وغانا، وموزنبيق، ونيجيريا،وجنوب أفريقيا، وتنزانيا كما أن التجارة المتبادلة بين الصين وأفريقيا تزيد حاليا على ثلاثين مليار دولار.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

لقد شهد الزيمبابويون دخلهم وهو يتهاوى بمعدّل أكثر من الثلثين في خضّم أسوأ أداء اقتصادي مقارنة مع المعطيات المتوفرة لبقية البلدان.و على الرغم من ذلك ما زال بإمكان الزيمبابويون إنقاذ بلدهم إذا ما توفرت لديهم الفرصة المواتية.
والأخبار الجيدة هي أن الإصلاحات الاقتصادية سرعان ما تأتي أكُلُها: لقد لاحظت كل البلدان المجاورة لزمبابوي ما هو أثر تحرير التجارة في العقد الماضي. حتى الاقتصاد الزيمبابوي نفسه كان من كبار المصدّرين  في المنطقة قبل سنوات قليلة. فكل تسهيل للأنظمة الضريبية والتجارية  ودعم  قانون العقود والأمن العام لها تأثير مباشر على الأفراد، والعائلات و الاقتصاد.
وما وباء الكوليرا المتفشي في زيمبابوي منذ أمد بعيد إلا علامة أخرى من علامات القمع الهمجي والعنيد. فمنذ عام 1998، كان معدّل متوسط العمر للزيمبابويين قد تراجع من 55 عاما إلى 35 عاما فقط. ناهيك عن معدّل البطالة الذي يطال أكثر من 80 بالمائة من السكان. نصفُ الزيمبابويين تقريبا معرّضون لمخاطر سوء التغذية والمجاعة: فهناك ثمانية ملايين  شخص يحتاجون إلى المعونات الغذائية – وهو ضعف العدد الذي كان قبل سنوات قليلة فقط. يعاني أطفال زيمبابوي من أعلى معدلات الوفيات، وسوء التغذية والنمو المتعثّر بين جميع البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكُبرى.
لقد لجأت عصابة الرئيس روبرت موغابي الفاسدة إلى القوة من خلال فرض الأحكام العرفية، وسرقة الأرض لصالحها، والسيطرة على الإعلام وحظر المعارضة. لقد أعتُقِل ناشطو المعارضة وأغتيلوا، بينما تعرض القضاء للإهمال. وتبدو الحكومة الثنائية الأحزاب الحالية وكأنها خدعة أخرى من خدع الرئيس روبرت موغابي لسحق أعداءه من خلال استمالتهم أكثر فأكثر لممارسة السلطة.
لقد سجّل منتدى زيمبابوي لمنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية أكثر من 20 ألف حالة انتهاك لحقوق الإنسان بما فيها 3000 حالة تعذيب منذ عام 2001. وبدلا من حماية الناس من العنف، تقوم قوات أمن زيمبابوي بحماية العصبة الحاكمة، وتصب وبال العنف على رؤوس العامة.
لا غرابة إذن إذا ما نزح الآلاف عبر الحدود مع بوتسوانا وجنوب إفريقيا ، بينما يتم إرجاع و طرد آلاف الآخرين كل يوم. حوالي ثلث سكان الزيمبابوي يعيشون في الخارج.
يزعم قادة زيمبابوي أن الأمر برمته يعود إلى خطأ المستعمرين البريطانيين، وليس الخطأ الناتج عن القمع الذي يمارسه موغابي، والإنفاق المتهوّر، والضرائب، والقيود المفروضة على الأعمال التجارية والتضخم. وباستخدام عبارات مبتذلة ولكن ملائمة، فقد قام هذا الرجل بتحويل زيمبابوي التي كانت تعرف ب”سلة خبز المنطقة” إلى سلة كوابيس تسحق آمال الملايين.
ولكن زيمبابوي ليست حالة ميؤوس منها. ما يزال هذا البلد يحوي جملة من المقاولين، وأصحاب المناجم، والمزارعون، موظفو التربية والتعليم، بل حتى بعض موظفي الخدمة العمومية المتبقين من فترة ازدهار البلد. كما أن الدول المجاورة لزمبابوي تبقى دولا صديقة (على الرغم من  علاقتها المتوترة  مع موغابي). فقد خطت هذه الدول خطوة كبيرة للأمام من خلال السماح لعُملاتها لتحلّ محل عملة الزمبابوي المفرطة في التضخّم.
تحتاج زيمبابوي الآن إلى كبح جماح  الإنفاق الحكومي، واستعادة الحريات الاقتصادية لتحرير كل عامل منتج من براثن التدابير التنظيمية الخانقة، والضرائب التي جرّت بمعظم الفاعلية الاقتصادية نحو السوق السوداء.
تقدّر مؤسسة التمويل الدولية أن البدء بمشروع تجاري في زيمبابوي يحتاج إلى 96 يوما ، 481 يوما للإيفاء بالتراخيص و30 يوما آخر لتسجيل ملكية معينة. إن تعقيد الأمر على نحو مصطنع بوجه الشروع في مشروع تجاري جديد يجعل تلقائيا إمكانية خلق فرص العمل أكثر صعوبة فرص للعمل – وحتى كلفة استئجار موظف أو أجير تعادل متوسط الراتب في البلد أربع عشرة مرة. فالمتطلبات الجسيمة التي تُطلب من الشركات الجديدة يمكن أن تثبّطت من عزيمة الزيمبابويين وتدفع بهم إلى خارج الاقتصاد المقنن.
إن البلدان النامية التي قامت بتخفيض الحواجز التجارية في التسعينيات فقد حققت نسبة نمو بمعدّل ثلاثة أضعاف أسرع (أي بواقع 5% سنويا) من تلك التي أبقت على سياساتها التجارية دون تغيير. فعلى النقيض من ذلك، فرضت زيمبابوي قيودا على التجارة العالمية، فالنتيجة هي أنها تحتل الآن المرتبة السابعة الأسوأ في مؤشر البنك الدولي للقيود التجارية. إن خفض الأيام الثلاثين اللازمة لإعداد أوراق التصدير، أو الاثنين وأربعين يوما اللازمة لإعداد الوثائق اللازمة للاستيراد، سيؤدي وبشكل فوري إلى منح المقاولين الفرصة الملائمة  للتنافس.
لقد هيمن الاستيلاء على المزارع التي يمتلكها البيض على عناوين الأخبار، ولكن الحقيقة المُرّة هي أن حقوق الملكية جميع الأفراد قد إنتُهكتْ وتعرّضتْ للدمار، سواء كانت قطعا من الأراضي الصغيرة، أو المشاريع الكبيرة. معظم الزيمبابويين لا يستطيعون الحصول على سندات ملكية رسمية، حتى أولئك الذين مُنحوا أرضا مسروقة من الآخرين. ولأن الفقراء لا يستطيعون تفعيل حقوق الملكية أو المتاجرة بها، فهم لا يستطيعون الحصول على فائدة أو قرض لتطوير أراضيهم وإنتاجيتهم.
إن الممارسة المجرّبة والمؤكد نتائجها لتطوير التجارة، و الانخراط  في الأعمال التجارية، و توفير فرص العمل، وتسجيل الأراضي هو درسٌ بسيط: بسّطْ، ثم بسّط، ثم بسّطْ. غير أن البساطة ليست بالأمر السهل. فالأقلية القوية والمخيفة تستفيد من النظام الذي تسبب في هذه الفوضى. ولكن و ففي مرحلة معينة في المستقبل القريب، ستضعف هيمنة حزب روبرت موغابي والذي يدعى حزب زانو- بي. أف. (ZANU-PF)، وسيتهاوى ليفسح المجال أمام الإصلاح. وعلى المصلحين أن يستعدّوا ويحضّروا السياسات المؤكدة والمجرّبة التي أثبتت نجاحها في الأماكن الأخرى، والتي يمكن أن تنجح في زيمبابوي.
وعلى خلاف كوريا الشمالية ومينمار، يوجد في زيمبابوي العديد من الحرفيين، والمزارعين، ورجال الأعمال، والقضاة، وموظفي الخدمة المدنية، وحتى رجال الشرطة الذين يتذكرون كيف يعمل البلد الناجح، وكيف يمكن إنجاحه مرة أخرى.
*طمبا نولوطشونجو كاتب زمبابوي يعمل في هيئة “الأوراق الزيمبابوية”.

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

يعتبر الفقر همّا اجتماعيا كبيرا ! وهو فضلا عن ذلك، قضية سياسية واقتصادية بامتياز، والباحثون عادة، يعرّفون عادة على أساس مستوى دخل الفرد أو الأسرة، أو هو حصول الفرد أو الأسرة على قدر من الدخل يعبر عن مستوى منخفض من المعيشة…
لا شك هناك مؤشرات مختلفة على ظاهرة الفقر، منها معدل البطالة، كمية الإنتاج والاستهلاك، الأجر المنخفض، وعدم تكافؤ الفرص، من النواحي التعليمية والمهنية والأمور السياسية.. بيد أنه ليس ثمة معيار محدد أو ثابت لبيان خط الفقر، فالنسبة تختلف من بلد إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، ومن زمن لآخر، كما لا يعد الحجم الكبير في دخل وميزانية الدولة، مؤشرا على غنى المواطنين ورفاهيتهم؛ ولا حتى مساحة الأراضي الشاسعة والصالحة للزراعة، وغناها بالموارد، أو حتى جدبها  وقحطها، ليس ذلك هو الدليل على حال المواطنين في الثراء أو الفقر، كل هذا بالأساس يعود إلى السياسة الزراعية، أو السياسة الاقتصادية على العموم , وإلى طبيعة النظم الحاكمة بوجه الحصر خصوصا…
إن مناولة مسألة الأمن الغذائي بالعرض والتحليل، ومحاولة تجاوز حالة الفقر، ليست بالمهمة السهلة، بل هي في غاية الصعوبة والتعقيد.. فكثير من الدول تفتقر إلى دراسات متخصصة للوقوف على أسباب الفقر والجوع والحرمان وبالتالي معالجة هذه الأسباب.. فمنهم من يحمّلون مؤشرات تزايد السكان بانخفاض المستوى المعيشي، وعلى العموم لا يمكن لنا أن نحمّـل الطبيعة  وحدها الفقر والجوع؛ ولا حتى تزايد السكان، فبدراسة معمقة يمكن لنا أن نضع حدا لقلقنا, ونتجاوز مشاعرنا بلوم أنفسنا، عندما نعي أن أسباب الفقر ليس لعيب فينا.؛ فإن الجائعين يمكن لهم أن يتحرروا من جوعهم، ويتجاوزوه، بعد أن يتعرفوا على أسبابه، فالطبيعة ليست هي السبب، بل أن جشع الإنسان، هوالمسبب في الحالة المزرية التي يعيشها أخوه الإنسان..
فالإحصائيات تشير وتؤكد عن إمكانية الطبيعة من توفير الغذاء لكل إنسان، وبالوسع استثمار الأراضي بمساحات أكبر، وزيادة الإنتاج كما ونوعا، واتّباع سبل التحديث الزراعي، ولا يتحقق ذلك إلا بالسيطرة العادلة والديمقراطية على إنتاج الموارد، واستثمار الثروة الناتجة عن الأرض للتنمية في حقول أخرى، وهنا ينبغي على الحكومة أن تساهم من جانبها في تنمية وتطوير الريف، وتحسين شروط القروض، لكي تحفز الفلاحين الفقراء، والعمال الزراعيين لتحسين كمية ونوعية محصولهم، والحقيقة أن هؤلاء لن يدخروا جهدا فيما لو أحسّوا أن شطرا محسوسا من ريع المحاصيل يعود إليهم، بحيث لا يستأثر بها المالك وحده، أو تصادرها الدولة بتعويضات زهيدة..
لقد كان فيما مضي الجفاف والفيضانات والآفات الزراعية من المسببات القوية في المجاعة والفقر، لكن كثيرا من الدول قيض لها أن تحد من أخطار هذه المسببات، فعمدت إلى الاهتمام بشبكات الري،ومقاومة الآفات الزراعية، فأمدت الفلاحين بالمبيدات والسماد اللازمين، كما قامت بتشجيعهم بمزيد من الحوافز…
فالإصلاح في الاقتصاد والسياسة متلازمان، فلا بد هنا من سياسة اقتصادية سليمة، ونظام سياسي ديمقراطي عادل، وتحديث مضطرد، في التكنولوجيا، وتطوير وتحسين في علاقات الإنتاج…
نعود فنقول أن مساحة الأراضي، حتى حين جدبها الظاهر، ليس بمؤشر على سبب تفشي الفقر والجوع، إنما يعود ذلك إلى السياسة الزراعية لأية حكومة كانت، إلى سياسة سوء استخدام واستثمار الأرض.. فالسودان مثلا تعتبر سلة الغذاء العالمي لو أحسن التصرف من  قبل النظام الحاكم، ومع ذلك يعيش سكانها في فقر وجوع، وتجتاحها مجاعات بين حين وآخر حتى إلى وقت قريب، والسبب يعود إلى سوء إدارة النظام وسيطرته، والتحكم السيء في الموارد الإنتاجية، فلا بد هنا من إعادة النظر في سياسة توزيع الأراضي ، وأشكال الاستثمارات، وما يستلزم ذلك من إصلاحات مضطردة في أكثر من صعيد …
إن السلطات السودانية المتعاقبة على الحكم، هي التي تتحمل مسؤولية ما آل إليه وضع السودان، رغم هذا فالحالة السودانية غير ميئوس منها، لو جيء بمن يحكم بالعدل والديمقراطية وأحسن التصرف، وسعى جادا لمعالجة الحالة، واندار إلى التنمية والتطوير في مختلف الحقول، وركز على الاستثمارات، وادخل العلم في حيز الإنتاج…
إن الصين اجتاحتها موجات من المجاعة في الماضي، بسبب الفيضانات من ناحية ، والجفاف من ناحية أخرى، وكانت الضحايا البشرية  بالملايين، لكنها أولت أخيرا اهتماما كبيرا، لخلق نظام زراعي، يجنبها من كوارث الفيضانات والجفاف، فعمدت إلى تحسين مجرى الأنهار، وحفر ما يشبه الخزانات بين الجبال، وحبس المياه  في الأنفاق والانتفاع بالمياه الجوفية، ومن آلاف الآبار، فوضعت بالتالي حدا لمعاناتها، وجنبت البلاد من الكثير من الكوارث..
إن الزراعة التي كانت تؤكـّل الملايين في ظرف ما، لا بد أن تعود لتلعب دورها، لا بد من تجاوز القوانين الزراعية المتخلفة، والسياسة الاقتصادية المركزية المتشددة؛ إن التنمية البشرية، واكتساب الخبرة والكفاءة، وتشجيع الاستثمارات، واتباع سياسة اقتصادية رشيدة، مؤسسة على دراسات علمية، هي الطريق إلى النجاح الأكيد لأية أمة من الأمم..
ليس كافيا أن نقف عند معاني ومفاهيم الفقر بالعرض والتحليل، إذ لا بد أن يتبع ذلك التفكير عن البحث  وصناعة البدائل لتجاوز الحالة، وهذا يتطلب وعيا ونضالا مستميتا، فالفقر والجوع ليسا قدر الشعوب؛ فلا بد إذن من النضال السياسي في أكثر من صعيد، فما عرف عن دول النمور الآسيوية، أن بعضها كانت قاحلة، ضعيفة بالموارد، ومنها من اتسمت بمناخ وبيئة جغرافية غير مؤاتية، وكانت متخلفة وفقيرة، رغم كل ذلك شهدت هذه الدول مرحلة من التنمية البشرية والاقتصادية والثقافية، فأصبحت اليوم تضاهي الدول الأوربية في تطورها، وينعم شعبها  بحالة من الرخاء والاستقرار، أليس كل هذا يعود إلى طبيعة تلك النظم .؟ فالنمور الآسيوية اتبعت سياسة اقتصادية حرة( ليبرالية) ونبذت المركزية المشددة ، والتخطيط السلطوي، وأعطت الفرد كامل الحرية ففضلا عن الحقوق الفردية أمده بحرية النشاط  في مختلف الميادين، الاقتصاد والسياسة  نضع هذا التساؤل أمام السادة حكام العرب برسم الأمانة، ولننتظر الجواب ؛ فهل سينزعون  الأغلال عن أعناق شعوبهم لينطلقوا ويبدعوا.!؟
© منبر الحرية، 5 مارس 2009

peshwazarabic10 نوفمبر، 20100

ما يزال شبح الانكماش (الهبوط المطرد للأسعار) يؤرق بال رئيس مصرف الاحتياطي الفدرالي بين بيرنانكي في الولايات المتحدة. و يُؤشر الانخفاض المذهل الذي عرفه سعر الفائدة الرئيسي يوم الثلاثاء 16 ديسمبر عن مدى تخوف بيرنانكي من ركود كبير يشابه ذلك الذي عرفه العالم في الثلاثينات من القرن الماضي. و قد خفض “الاحتياطي الفدرالي” من نسبة فائدة الأصول الفدرالية (Federal funds rate) أي سعر إعادة تمويل الأبناك و هو السعر الذي تجري به كل مساء عملية إقراض و اقتراض الأبناك فيما بينها داخل السوق المصرفية. وقد أصبح هذا السعر يتراوح ما بين0% و  %0.25  مما يشكل أدنى المستويات التي وصل إليها في تاريخه.
وفي نفس الوقت يرى كثير من الملاحظين أنه من المرجح أن يؤدي تراكم التأثيرات الناجمة عن هذا التخفيض و التخفيضات السابقة التي قام بها “الاحتياطي الفدرالي” إلى التضخم. وهم يذكرون في هذا الصدد بالارتفاع المستمر لأسعار الذهب كحجة تبرر أقوالهم بشان الخطر التضخمي.
هل نحن متوجهون إذن نحو ركود كبير أم نحو تضخم جامح؟
لا يتوقع حدوث أي حد من هذين السيناريوهين و لكن أيضا، ولأول مرة مند عقود، لا يستبعد وقوع أحدهما تماما. في حقيقة الأمر أن الاقتصاد الأمريكي مهدد بمجموعتين من الضغوط إحداهما تضخمية و الأخرى انكماشية، و لحد الآن تبقى كفة الانكماش راجحة إذا أخذنا بعين الاعتبار مؤشر أسعار الاستهلاك.
لكن علينا أن نقوم هنا بتحديد هام، الانكماش هو هبوط دائم للأسعار بينما هبوط الأسعار الذي شاهدناه لحد الآن هو ناتج بشكل كبير عن انفجار الفقاعة النفطية و ليس ضغطا سيستمر على المدى الطويل. فقد نزل سعر الذهب الأسود عن سقف 150 دولار ليصل إلى مستوى 41 دولار للبرميل. و أدى هذا الانخفاض إلى انخفاض السعر في محطات الوقود، مما ينتج عنه بالطبع انخفاض مؤشر أسعار الاستهلاك. صحيح أيضا أن ضعف الاقتصاد أثر سلبا على الطلب على المشتريات الكبرى كالعقار و السيارات. و لكن ومن جهة أخرى قد يجد المستهلكون طرقا ثانية لتوفير الأموال كتأجيل موعد الذهاب عند الحلاق أو عند طبيب الأسنان.
كل هذه الأمثلة، بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكن أن تعطينا تفسيرا عن التباطؤ المتزايد للاقتصاد، تباطؤ من المحتمل جدا أن يستمر خلال السنة المقبلة.
يجب أن نقوم في هذا الصدد بالوقوف عند الفرق بين ظاهرة الانكماش و هبوط الأسعار الذي تشهده الظرفية الحالية. و يبقى احتمال حدوث هذا الانكماش ضعيفا نظرا لتخوف بيرنانكي من تكرار سيناريو هبوط الأسعار الذي رافق الركود الكبير للثلاثينات.
لقد درس بيرنانكي بعمق هذه الحقبة من التاريخ لذا فإنه واع تماما أن مصرف الاحتياطي الفدرالي تردد كثيرا إبان الركود الكبير في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد ينهار. و قد أقسم بيرنانكي أنه لن يسمح بحدوث ذلك التقلص الذي عرفته الأموال والقروض خلال الثلاثينات. بالمقابل فإن”الاحتياطي الفدرالي” في عهد بيرنانكي اتخذ إجراءات استثنائية لضخ السيولة في أسواق القروض في إطار مجموعة من برامج الإقراض و من الأمثلة المذهلة على ذلك نجد شراء 600 مليار من القروض المُصدرة و المضمونة من طرف “فاني ماي” (Fani mae) و”فريدي ماك” (Fredie mac).
لقد بدأت الأزمة في القطاع العقاري لكنها لن تنتهي بعودة الاستقرار إليه. و في بيانه ليوم الثلاثاء 16ديسمبر أعلن مصرف الاحتياطي الفدرالي أنه سيستعمل كل الوسائل لتشجيع العودة إلى نمو اقتصادي مستدام و الحفاظ على استقرار الأسعار. بعبارة أخرى أنه سيقوم بكل ما يلزم من إجراءات لمنع حدوث الانكماش.
لقد تأخرت تأثيرات “القروض السهلة” في أن تشمل كل جوانب الاقتصاد وهذا يرجع بنسبة كبيرة إلى كون عدد من المستهلكين و المالكين العقاريين و الشركات لم يترددوا في استعمال ما جنوه من عطايا ناجمة عن انخفاض سعر النفط في تسديد الديون التي تُثقل كاهلهم.
بالمقابل و مع وجود أسعار الفائدة هذه، و التي تعتبر الأكثر انخفاضا عبر التاريخ، فمن المحتمل أن يلجأ الأفراد العاديون إلى الاقتراض الذي يمكن أن يؤدي عند بلوغه حدا معينا إلى تحرير الدينامية الاقتصادية. في الحقيقة أن إجراءات “الاحتياطي الفدرالي” قد أدت إلى خلق بحيرات من القروض، بحيرات تبقى لحد الآن محمية من الفيضان بفضل سدود مشكلة من الخوف والحذر. لكن عندما ستنهار هذه السدود سيؤدي ذلك حتما إلى إطلاق ضغوط تضخمية يصعب السيطرة عليها. و تماما مثلما فعلت أسعار فائدة 1%  في عهد غرينسبان فان أسعار 0% في عهد بيرنانكي قد تؤدي إلى خلق فقاعة جديدة. في الوقت الحاضر يبقى هذا الاحتمال ضعيفا في نظر العديد من الملاحظين. و مع ذلك فإن سعر الذهب الذي بلغ أكثر من 50 دولار يؤشر في الحقيقة إلى تضخم و ليس إلى انكماش، تضخم قد يحدث ابتدءا من 2010.
© معهد كيتو، منبر الحرية، 15 يناير 2009

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018