حواس محمود

حواس محمود12 يناير، 20111

برزت العروبة كتيار سياسي – العروبة السياسية- في الستينات والسبعينات من القرن المنصرم، بالاستناد إلى جملة عوامل وأسباب وجدت فيها مبررات وجودها واستمرارها بقوة على سطح أحداث تلك المرحلة.

حواس محمود13 ديسمبر، 20100

دأب القول السياسي العربي  في صورة عامة منذ أكثر من خمسين عاما على الضرب على الوتر الخارجي: الامبريالية، الرجعية، الصهيونية، ومن ثم الاحتلال الأمريكي للعراق، العولمة، الهيمنة الغربية، صدام الحضارات ..الخ.
وتجاهل عن سابق إصرار وتصميم كل ما يتعلق بالداخل العربي من تنمية، إعلام، ثقافة، بحث علمي، بيئة، صحة، تكنولوجيا، وحريات التعبير، وحرية الصحافة، والأحزاب …الخ.
هذا هو المشهد الذي صيغت فيه التعابير والمقولات والشعارات التجييشية والتحريضية والشعبوية، ومن خلال إعلام إما رسمي لخدمة الأنظمة،  أو خاص مأجور ومدفوع الثمن من شركات ومقاولين وتجار يخدمون بشكل أو بآخر مصلحة الأنظمة العربية السائدة، وبخاصة تلك الأنظمة التي كانت تدعي الثورية والاشتراكية والتصدي والمجابهة والممانعة، إلى غيرها من التسميات الصارخة والفارغة كالطبل الأجوف في بحر من حراك وحركة عالمية تكنولوجية معرفية متسارعة الإيقاع.
بعد كل تطورات الحالة الإقليمية والعالمية، تأخذ الضرورة الموضوعية حاجتها إلى عملية فك الارتباط بين المتطلبات الديمقراطية الداخلية لكل دولة أو قطر في العالم العربي وشعارية التحديات الخارجية. بعد أن وصلت الدول العربية إلى حالة من الأزمة المتفاقمة المستعصية على الحل بفعل أن إفرازات الدكتاتورية هي التي أنتجت مرض الاستبداد المزمن، الذي وللأسف تشربت شعوب المنطقة من مياهها الآسنة فاستمرأت هذا الاستبداد وتحت وقعه الشديد ارتأت النوم العميق في سبات طويل طويل، بغض النظر عن التفكير في  أي نهضة أو نهوض أو مقاومة أو حركة أو تحرك أو هبة أو صعود.
ما نشهده الآن في بعض الدول العربية وما شهدناه في السنوات القليلة الماضية يؤشر بشكل واضح أزمة نظام الحكم العربي وأزمة الجماهير المستسلمة. نظام الحكم أزمته هي تأبيد الحكم وتوريثه، وأزمة الجماهير هي الرضوخ للأمر الواقع تحت ضغط القمع والفساد، ماذا حدث  في العراق، أليس الاستبداد الذي جاء بالاحتلال نقول ذلك بصورة مختصرة لنبتعد قليلا عن جدل الحدث العراقي وتشابكاته وتعقيداته الكثيرة، والسودان الذي وصل إلى درجة أن رئيس السودان نفسه يقر بأنه إذا صوت الجنوب السودانيون بالانفصال فإنه يكون أول المعترفين بالكيان الجديد، ماذا لو كانت السودان دولة ديمقراطية هل كان الجنوب السودانيون يفضلون الانفصال؟ لست ضد الاستقلال من حيث المبدأ، ولكنني أشير إلى غياب الديمقراطية التي تستوعب التنوع ضمن الوحدة، وفي اليمن لماذا الجنوبيون ينزعون للانفصال أليس الاستبداد نفسه الذي يدفعهم لذلك؟.
والبارحة عندما كان الكرد يطالبون بالحكم الذاتي والآن الفيدرالية، ماذا لو كانت العراق دولة ديمقراطية تحقق المساواة بين العرب والكرد، وتمنع الاستئثار بالقرار وتضطهد الأقليات والقوميات المتواجدة في العراق.
نحن نصل في النتيجة إلى الضرورة الموضوعية لفك الارتباط بين واقعية المتطلبات الداخلية بشتى المجالات، وشعارية التحديات الخارجية التي أضرت بالاستحقاق الداخلي وشوهت لوحة المجتمعات العربية وضربت البنى التحتية في دول العالم العربي، وجعلت العالم العربي يقف بامتياز في نهاية قاطرة التقدم والتطور في العالم.
© منبر الحرية،7 دجنبر/كانون الأول 2010

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

التصفيق هذه الكلمة ذات الإيحاءات والمدلولات والمعاني والممارسات المتباينة والمختلفة عبر التاريخ وحتى يومنا الراهن، ولكن الأشد إيلاما في ثنايا هذه الكلمة أو في مكنوناتها المستترة، ومهما كانت أسباب نشوء هذه الظاهرة إلا أنها في أيامنا المعاصرة تحولت إلى ظاهرة قهرية بامتياز فحيثما وجدت دكتاتورية أو استبدادا مستفحلا تجد تصفيقا حادا أو صامتا ومهما يكن شكل التصفيق لكنه موجود بقوة، وهذا التصفيق يأخذ طابعا قهريا خنوعيا استسلاميا حتى في جانبه الانتهازي الوصولي لانتفاع مكتسبات وقتية من الطاغية أو المستبد الذي يدرك أسباب  هذه الانتهازية، لكنه يحبذها ويؤيدها لأنها تخدم استدامته في الحكم والسيطرة والنفوذ.
التصفيق لمحة تاريخية :
يعد التصفيق سلوكا قديما يعود إلى فترات زمنية موغلة في الماضي، حيث تدل الحفريات والبحوث الآثارية على تلمس آثار ودلائل وجوده في تلك الفترات من خلال النقوش المصرية والتي تشير إلى المصريين وهم يمارسون عملية التصفيق بالترافق مع طقوس احتفالية كالغناء والرقص.
يشير الدكتور عماد عبد اللطيف إلى أن اليونان من أقدم شعوب الأرض التي مارست عادة التصفيق وذلك بقيامهم – كما المصريين- بطقوس احتفالية غنائية ورقصية ومسرحية. وعندهم شاع المصفق الذي يصفق بأجر ( المأجور) أي الذي يصفق بمقابل مالي، وكان هذا يحصل أثناء عرض المسرحيات للحضور وتأجير فئات من الناس تمارس التصفيق للمسرحيات أمام لجان التحكيم التي تقوم بتقييم المسابقات المسرحية.
وتذكر المصادر التاريخية ولع نيرون طاغية روما بالتصفيق، كما أن التصفيق قد انتقل من شعب إلى آخر فلقد انتقل إلى العبرانيين من خلال الحضارتين الفرعونية واليونانية. 
وتعود علاقة  العرب بالتصفيق إلى عصور ما قبل الإسلام.كما عرف التصفيق كممارسة شعائرية تؤدى أمام الحرم المكي، واستخدم في صدر الإسلام أداة للتشويش على المسلمين في بداية دعوتهم، ويذكر بعض المؤرخين أن مجموعات من القريشيين الذين كانوا يعارضون دعوة الرسول محمد، كانت تلجأ إلى التصفيق تشويشا وضجيجا للسعي من أجل عدم استطاعة الرسول إبلاغ دعوته الدينية إلى الناس، وذلك من أجل عدم التأثر به وبدعوته للدين الجديد، وقد يكون التصفيق عند بعضهم ممارسة طقوسية للتقرب من الله.
التتصفيق  كظاهرة قهرية :
شاع التصفيق في قصور الخلفاء والملوك والسلاطين والولاة، وكان  تعبيرا عن قوتهم ومكانتهم وجبروتهم، فالذي يجلس على عرش الحكم عندما يصفق فهذا يعطي إشارة شديدة الترميز لاستحضار قوى سحرية، قد لا تكون أقل قوة من الساحر الحقيقي، عندما يصفق الملك فتحدث أشياء جديدة أمامه وعلى ساحات الرقص واللهو والمجون، فقد تظهر راقصة تخلب قلوب الحضور أو قد تنكشف موائد كبيرة ومتطاولة تشتمل على كل لذيذ  وطيب، وقد يبرز سيف بتار يقطع رقاب بعضهم، إذن فما بعد التصفيق يأتي شيء مفاجئ غير معروف، فإما تأشيرة فرح وسعادة  أو ترميزة قرح وحزن.
وعند العرب إذا قام أحدهم بعمل ما يحتاج لجهد جماعي وحين تعرضه لسؤال أحدهم هل أنجزت العمل الفلاني؟ يسارع بالإجابة بمثل (اليد الواحدة لا تصفق). في إشارة واضحة إلى حاجته إلى مؤازرته من قبل الآخرين.
ومن طرائف التصفيق أنه عندما يلعلع صوت الخطيب أو المحاضر أو المغني تجتاح القاعة موجة تصفيق حادة، يشارك بها كل الحضور حتى الذين لم يسمعوه جيدا والدليل على صدق ما نقول تكرار ظاهرة أن يقوم أحدهم أو بعضهم بعد مشاركتهم بالتصفيق بالسؤال لزميله الجالس إلى جانبه ماذا قال الخطيب أو المحاضر أو المغني !!.
وقد يكون التصفيق عملية غير بريئة، هذا ما يبينه مثل فرنسي يقول : ” يظل الطفل بريئاً حتى يتعلم التصفيق!).
كما أن كلمة  التصفيق قد تحمل في ثناياها مدلولات وإيحاءات وترميزات إلى ما يشبه الصفقة وهذا ما كان  يحدث عند اليونانيين وبخاصة في قاعات المسارح بين الحضور وأصحاب المسرحيات  كما ذكرنا آنفا.
بالانطلاق مما سبق نجد أن التصفيق وبصورة خاصة في الزمن المعاصر يلعب دورا قهريا كبيرا وبخاصة في المجتمعات الشرقية، وبصورة أكثر تخصيصا في العالم والإسلامي فلقد مرت شعوب العالم العربي، وبخاصة في مرحلة ما بعد الاستعمار المباشر بمراحل ساد فيها التصفيق الآلي الصاخب والقوي، والذي جاء بفعل العاطفية والشعارية  والتجييش ربما لم تشهده أي شعوب أخرى في العصور الحديثة. هذا التصفيق-  وبخاصة للزعماء – جاء بعد احتلال فلسطين والحروب التي خاضها العرب 48، 67، 73، 82، يضاف إلى ذلك غزو النظام العراقي للكويت عام 1990، الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، حرب الخليج الأخيرة 2003، حرب تموز 2006.
فبروز الزعماء العرب كجمال عبد الناصر كان مترافقا مع جمهور قطيعي شعوري عاطفي مغيب العقل، تحركه الخطب اللهابة والتهديدات النارية، ” سنرمي إسرائيل بالبحر”، ” لا صوت يعلو فوق صوت المعركة “، ” لتتقشفوا من أجل فلسطين ومعركة العرب المصيرية الكبرى “.
والمفارقة الكبرى أن تتماهى الشعوب العربية حتى الآن  إلى هذه الدرجة القصوى مع المستبد الذي أتقن لعبة العزف على وتر القضايا الكبرى كقضية فلسطين التي ترتبط بمسألة عادلة وظلم ممارس من قبل قوة أخرى هي القوة الإسرائيلية، بمعنى أن فلسطين أضحت قضية مقدسة تدغدغ مشاعر العرب من المحيط إلى الخليج، واستطاع الحاكم العربي المستبد ركوب الموجة بالتركيز على فلسطين كقضية العرب الأولى وإهمال قضايا التنمية والحرية والديمقراطية، حتى أن العديد من المعارضين للمستبد العربي كانوا ضحايا المتاجرة بقضية فلسطين، فالذين أعدموا بالعراق في السبعينات أعدموا بحجة أنهم جواسيس لإسرائيل، وحدثت أمور مماثلة في دول عربية أخرى مواجهة أو غير مواجهة لإسرائيل، إن أحكام الطوارئ والقوانين العرفية لا زالت تمارس  في معظم الدول العربية، وهي قد أتت بحجة أن الدول العربية تواجه إسرائيل فيمنع الناس من التظاهر أو التعبير عن المعاناة الداخلية، علما أن هذه الأحكام غير موجودة في إسرائيل نفسها، الدول العربية رفعت شعارات عديدة كالوحدة والحرية والاشتراكية، وهي قد فشلت فيها فشلا ذريعا  ورغم ذلك صفق لها كثيرا، ولا زالت تمارس أقسى صنوف القمع والترهيب بحجج وذرائع شتى.
إن حالة التخلف في الميادين كافة في العالم العربي يتم تغطيتها إعلاميا بتصفيق عجيب، فالأنظمة العربية بحسب التصفيق الممارس أنظمة وطنية وشرعية،  والحكام العرب رموز مقدسة، على الإعلام  العربي عدم استهدافهم باعتبارهم أولياء الله في الأرض، وهم لذلك محصنون شعبيا تخلفيا، وهم أنفسهم يقولون شعوبنا لا تستحق الديمقراطية لأنها غير واعية بالديمقراطية، وهي لم تبلغ سن الرشد الديمقراطي وبالتالي فهي تستحق التصفيق وبالتالي الاستعباد والاستذلال إلى أن تصل هذه الشعوب إلى الوعي بالديمقراطية!، ولكن السؤال كيف ستصل هذه الشعوب إلى الوعي بالديمقراطية وهي مغيبة عن الديمقراطية وممارس عليها آليات الاستبداد والدكتاتورية في التعليم والثقافة والتنمية والإعلام.  وهي مملوكة للحاكم المستبد وتبث كل سموم الاستبداد والقمع والطغيان بصورة ممنهجة ومستمرة.
فتصفيق الجماهير  رغم المعاناة والقهر وعدم فهم آلية العمل الاستبدادي الممارس، هو ظاهرة تدل على غباء المصفق وجهله، فهولا يدري ( إلا الانتهازيين منهم ) أن هذا التصفيق يساهم في  إدامة القمع والتنكيل وكل الإجراءات  التعسفية والضغطية والعنفية والتعذيبية ضدهم.
إن الحاكم العربي المستبد ما أن يتحدث ببضع كلمات عاطفية حماسية حتى يأتيه صدى كلماته تصفيق حاد مجلجل،  وإن كان يخطب في قاعة فان التصفيق المقابل لكلماته يحدث ضجة وصخبا وصدى كبيرا، وإذا كان قد قيل أن العرب ظاهرة صوتية ( المقصود بها الكلام دون الفعل) فإنهم بالتصفيق ظاهرة قهرية.
المراجع :
1- د. عماد عبد اللطيف ” لماذا يصفق المصريون ”
2- منتدى الضياء الإسلامي – أبي الحسن”  صوت سحري في عالم البشر ”  31-1- 2009
3- موقع أدب وفن سعيد الجريري  ” التصفيق بالعدوى وأشياء أخرى ” 13-9-2008
4- موقع شروق كتاب حول تاريخ ظاهرة التصفيق في مصر   3- 6- 2010
© منبر الحرية،13 غشت/آب 2010

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

من المؤسف والمؤلم حقا أن الاستبداد أضحى سمة من سمات المجتمعات العربية، ذلك أن ديمومة الاستبداد عبر التاريخ العربي الإسلامي منذ معاوية بن أبي سفيان وحتى معاويات القرن العشرين والواحد والعشرين في العالم العربي هي بمثابة واقع الحال المستعصي على التحول والتبدل.
فبعد أن رحل الاستعمار من العالم العربي في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم استلمت طغم عسكرية زمام الحكم في البلدان العربية ونادت بشعارات  قوموية وصفق لها الجمهور كثيرا وازداد الوهم بقدرتها على تحرير فلسطين، ولكن الهزائم تلو الهزائم لاحقتها لكنها رغم كل ذلك بقيت صامدة وسيدة مستبدة جاثمة على صدور الموطنين من المحيط إلى الخليج فارضة أحكاما عرفية وقوانين طارئة مكبلة الحريات الأساسية ومعيقة التطور الطبيعي والتحول الاعتيادي لهذه المجتمعات مما أوقعها  في شباك الاستبداد الذي أفسح المجال كثيرا أمام الفساد وذلك كشرط أساسي لديمومة الهيمنة والسيطرة. وادعت هذه الأنظمة أن الجماهير ليست واعية وهي لا تستحق الديمقراطية والإصلاح لذلك فهي البديل الأبدي الذي لا يمكن أن يتزحزح، وعندما لاح أفق التغيير من الخارج في المثال العراقي بإسقاط صدام حسين الذي كان نموذج الاستبداد العربي بامتياز هاجت هذه الأنظمة وماجت ووضعت العصي في عجلة أي تغيير يأتي من الخارج فوقفت مساندة للإرهاب بعد أن كانت متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الأخرى في الحرب ضد الإرهاب (حرب أفغانستان) وبالتالي أعطت صورة مشوهة لنموذج التغيير الديمقراطي في العراق( طبعا لا ننسى الأخطاء الأمريكية في هذا المجال ) وذلك بالوصول إلى نتيجة صادمة ومحرجة وهي إما  أن يكون هناك استبداد في العالم العربي أو القتل والتفخيخ والتفجير وعدم الاستقرار، فغدا الاستقرار ميزة الاستبداد، الاستقرار الذي يؤمن الأرضية المهيئة للفساد وذلك لأن الفساد ينتعش في جو الحروب والاقتتال  والإرهاب، وهكذا أوصلت الأنظمة العربية عبر جهودها الحثيثة لترسيخ سيطرتها واستمرارها في الحكم وعبر وسائل الإعلام التي تحولت إلى ناطق رسمي باسمها وباسم استبدادها، أوصلت الشعوب العربية إلى قناعة بقبول الأمر الواقع وهو الاستبداد والفساد وخراب البلاد والعباد، وسادت وتسود هذه المجتمعات ثقافة اليأس  والبؤس والقنوط، وكثرت موجات الهجرة إلى الدول الغربية للبحث عن ملاذ آمن من عصي وسياط هذه الأنظمة وقمعها وإفقارها للناس، ناهيك عن حجم الدمار البنيوي الكاسح الذي يضرب المجتمعات العربية التي أضحت فريسة لهذه الأنظمة الكابوسية القابعة على صدور المواطنين، ولم يعد هناك ثمة تفكير بأي طريق خلاصي لا من الداخل ولا من الخارج، في حالة هي أشبه ما تكون بنومة كهف طويلة طويلة ولا يعرف من الذي سيوقظ هذه المجتمعات، بعد أن ترسخ لديها قناعة بديمومة الفساد والاستبداد.
© منبر الحرية ، 13 يوليو / تموز 2010

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

أضحى مشهد القمة العربية المنعقدة كل عام في احد الأقطار العربية مشهدا روتينيا مملا وخاليا من دواعي الاهتمام والمتابعة، وانتظار ما يتمخض عنها من مقررات وبنود. فالأحوال العربية على صعيد السياسة لم تتقدم بل تراجعت كثيرا. مشكلة الفلسطينيين مع إسرائيل  لا زالت موجودة والاتفاق الفلسطيني الفلسطيني لم يحصل بعد، والحالة العربية على مستوى الديمقراطية والتنمية والتحول ما زالت كما هي ، والإصلاح الذي كان يتفوه به القادة العرب بتأثير الضغط الأمريكي بقيادة بوش الابن لم يعد يذكر حتى على مستوى الصحافة ، وأحوال حقوق الإنسان تراجعت كثيرا وتمسكت القيادات العربية بثوابتها التخلفية، وتراجعت التنمية وهزل المجتمع المدني، وتدهورت الصناعة وتم تضييق الخناق على مستخدمي الانترنت وبخاصة المدونين وأودع بعضهم السجون ، كما وتشير تقارير التنمية البشرية والأممية إلى أن العالم العربي يأتي بالدرجة الأخيرة في كافة مؤشرات التنمية والتصنيع والبحث العلمي وبراءات الاختراع والمعلوماتية والمعرفة.
اليمن  مثقل بمشاكله  على الأقل مشكلة الجنوب ، والعراق في حالة صراعية بين الديمقراطية المنشودة وتدخل القوى الإقليمية لكبح جماح العملية الديمقراطية لكي تقي نفسها رياح غريبة قد لا تسرها لا بل قد تقلقها و تسقط عروشها المشيدة، والتي ترسخت بفعل المخابرات والقمع وثقافة الخوف والريبة والرعب ، إذن هذه القمة لم تأت بمعجزات مثلها مثل قمم الفشل العربية، قمم  الحفاظ على حالة الركود والتخلف في كافة الميادين والمجالات ، والجديد في هذه القمة هو أنها عقدت في سيرت بليبيا وترأسها العقيد معمر القذافي.
والقذافي له في كل قمة فكاهة أو طرفة قممية تثير نوعا من البهجة الساخرة والهرج الاستغرابي لدى الزعماء العرب، وهذا ما يتبدى عادة من قسمات وملامح القادة العرب والإعلاميين ، كما أن استقبال القذافي لوفد بعثي عراقي هو بحد ذاته كان نوعا  من التذاكي على العرب واستشفاف نوع من التدخل الدولي والإقليمي  الخفي في الانتخابات العراقية بدعم اياد علاوي لتسلم رئاسة الحكومة القادمة، والذي تقدم على المالكي بمقعدين وأثار تصرف القذافي هذا حفيظة الحكومة العراقية التي انسحبت من المؤتمر، ومن ثم عاودت الحضور مرة أخرى متمثلة بهوشيار زيباري بعد وساطات متعددة  ويشار إلى حديث يدغدغ مشاعر الشعوب العربية أطلقه القذافي في كلمته الافتتاحية قائلا: “المواطن العربي ينتظر الأفعال، الشارع العربي شبع من الكلام وسمع كلاماً كثيراً وأنا شخصياً تحدثت خلال أربعين عاماً في كل شيء، والمواطنون العرب ينتظرون منا، نحن قادة العرب، الأفعال وليس الخطب”.
والسؤال الهام والحساس الذي يجدر طرحه وتوجيهه إلى القادة العرب هو: الم تملوا من هذه الاجتماعات الروتينية المتكررة ؟ الم تفكروا بأن تعملوا شيئا جديدا ومتقدما لشعوبكم ؟  الم تستطيعوا على الأقل إزالة تأشيرات الدخول والرقابات الجمركية والحدودية على دخول الأشخاص والبضائع والكتب والصحف من دولة إلى دولة شقيقة أخرى ضمن العالم العربي ؟ الم تتمكنوا من تحديث إداراتكم وجامعاتكم وشوارعكم ومدنكم وعواصمكم ومرافق دولكم بعد أكثر من خمسين عاما من عقدكم لاجتماعات القمة؟  ، ألم تستطيعوا أن تطوروا التعليم وتنشطوا الثقافة وتفعلوا الفن لكي يرتقي بها إنسان العالم العربي ويكف عن الهجرة إلى بلاد ” الفرنجة ” التي لطالما عاتبتموها وانتقدتموها وهاجمتموها لاستصدارها قوانين تخالف منظومات مواطنيكم  عفوا -رعاياكم – القيمية والدينية والعقدية ؟
© منبر الحرية ، 21أبريل /نيسان2010

حواس محمود18 نوفمبر، 20101

من الغريب والمؤسف والمستهجن حقا أن يكون شخص كالبشير رئيسا لدولة  عربية ، انسان لا يفقه الابالقمع ، ويتحرك بحركات هي أبعد ما تكون للانسان السوي العاقل ، هذا الانسان الذي ارتكب مجازرالابادة الجماعية في دارفور وشن حربا أهلية ضروس ضد الجنوب ، وها هو يتعامل مع المراقبين الدوليينبعنجهية وعجرفة متجاوزا حدود اللباقة والدبلوماسية التي كان من المفترض به ان يتحلى بها كرئيس دولةعضو في الجامعة العربية والأمم المتحدة.
ان الدرس الذي يجب أن تأخذه الشعوب العربية هو أن مثل هذا الرئيس يستطيع أن يفعل ما يشاء بشعبهدون حسيب أو رقيب – داخلي – أو عربي – أو اسلامي – ويستطيع طرد المراقبين الدوليين وقد هددهمبالطرد ويزور الانتخابات القادمة ويدعي أنه الرجل المحبوب وأنه المنتخب كما تفبرك العديد من الزعاماتالعربية لعبة الانتخابات لتضفي على وجودها طابعا شرعيا وهم عن ذلك بعيدون.
النظام السوداني نموذج من نماذج الدولة العربية الفاشلة بكل المعايير والمقاييس والاعتبارات السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية
ان تصريحات البشير تعطي دلالة سياسية وفلسفية قوية وهي أن قطار الديمقراطية والتنمية العالمي قدتجاوز الشعوب العربية بعقود وعقود ولا زالت هذه الشعوب تبحث عن ابسط مستلزمات الحياة والوجودوترزح تحت نير حكام يفكرون بمنطق الحرب الباردة وماقبل الباردة  وبشكل تقليدي وتخلفي فج وقاس دونامتلاك اقل حجم من الديبلوماسية والمرونة التي تتطلبها  حيثيات ومبادئ واسس العلاقات الدولية ،والمصيبة هي ليست بالبشير وحسب وانما في معظم الدول العربية التي وان هي لم تمارس ما يمارسهالبشير تجاه شعبه الا انها ان اضطرت لمثل هذا الامر فانها لن تقصر ، وأحداث اليمن وبخاصة في الجنوبشاهدة على ذلك وكذلك ما مارسه صدام تجاه الكرد في حلبجة والانفال وغيرها.
ويضاف الى ذلك وقوف كل الدول العربية مع البشير متضامنة متكاتفة  ومدينة طلب اوكامبو رئيس المحكمةالجنائية الدولية متذرعين بحجة واهية وباهتة وضعيفة جدا تتلخص بانه طالما ان اسرائيل لم تحاسبعلى جرائم غزة فاننا نرفض محاسبة البشير حول مجازر  دارفور !!
هذا هو النمط الرئاسي  السائد  في المنطقة العربية ، فأي ديمقراطية ستنجز في السودان طالما أنهستجري تحت ظل هذا الحاكم العسكري الابدي وهو سيعمل المستحيل لتزوير الانتخابات لكي يفوز بولايةاخرى وهنالك احتمالات حرب اهلية قادمة بسبب حجم الاعتراض الشعبي لسياسات البشير وعدم قبولالشعب لحكم البشير وممارساته المعادية لتطلعات الشعب السوداني الديمقراطية والتنموية للارتقاءبالسودان أرضا وشعب.
© منبر الحرية، 16أبريل /نيسان 2010

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

نادرا جدا ما يشعر المرء وبخاصة الفرد المبدع بحالة من الراحة النفسية الكاملة تجاه ما يتم تقديره واحترامه وتشجيعه في الأوساط الاجتماعية المحيطة به لما يقوم به من دور وإبداع في خدمة مجتمعه والإنسانية جمعاء
.
ولعل الأكثر معاناة في هذا الصدد هو ذو الكفاءة أو صاحب موهبة أومن امتلك طاقة خلاقة، إذ يشعر الإنسان المبدع أنه بالرغم من عطائه الرائع فإنه يهمل ويهمش، ليس هذا فحسب وإنما يتعرض للمضايقة والعرقلة والتشويش عليه وعلى إبداعاته، وفي كثير من الأحيان يحارب- بفتح الراء – ( بالاستناد إلى مقولة مفادها : يكتشف المبدع بتلك العلاقة الدالة وهي تحالف جميع الأغبياء ضده ) إن هذه الظاهرة تندرج ضمن إطار مأزق الفرد في المجتمع.
لقد تناول هذا المأزق عدة كتاب وباحثين مرموقين في العالم العربي، فالشاعر العربي الكبير أدونيس المرشح لجائزة نوبل للآداب يسلط الضوء على هذا المأزق ويرى ( في محاضرة له بالقاهرة ) أن الفرد في المجتمع العربي المسلم يعاني التهميش الذي تمارسه مؤسسات تمحو الذاتية لصالح مفهوم الأمة أو الجمهور الذي قال بأنه فكرة أيديولوجية
إن الفرد المسلم-  بحسب أدونيس- يعيش الآن رهين محبسين هما التأويل الوحداني والتأويل السلفي للنص الديني وهذا يؤدي إلى انمحاء وذوبان الفردية في الجماعة – الأمة- ويشير إلى محاولات في التاريخ العربي لاختراق هذين المحبسين على أيدي بعض الشعراء والمتصوفة، حيث يرى أن التصوف أعمق ثورة في تاريخ الإسلام، ويضيف  أدونيس بالقول : إن جميع الأحزاب تلغي الهو في سبيل الهم.
ويتناول الباحث الدكتور مصطفى حجازي في كتابه ” الإنسان المهدور” – اصدار2005- تهميش الفرد في المجتمع من خلال البحث في سيكولوجية هدر الطاقات وهدر الإمكانات وانمحاء الفرد ضمن الجماعة – الدين – القومية –  القبيلة- الطائفة-…الخ ويرى حجازي أنَ ثقافة الولاء للعصبية لا تفعل سوى هدر الطاقات والكفاءات التي طالما اعتبرت ثانوية، تهدر الطاقات الأكثر حيوية وعطاء على مذبح الولاء والتبعية، وبالتالي تهمش فئات كبيرة من ذوي الكفاءات حتى النادرة منها، وتدفع إلى المنفى الداخلي أو الخارجي ما لم تقدم فروض الطاعة والولاء وبراهين التبعية التي لا يداخلها شك، يقرب المولون ولو كانوا من ذوي الكفاءات الرديئة والانجاز المتدني بينما تهدر الطاقات الوطنية الثمينة، ثقافة الولاء هي ثقافة الهدر ذاته، وهذا ما يفسر تعثر التنمية ويعم التخلف، والمبعدون والمنفيون من ذوي الكفاءات يجترون الإحباط والمعاناة ويشتعل في نفوسهم الغضب على واقع الحال.
ويشير إلى أن الإنسان إذا تم الاعتراف به كإنسان وبشكل غير مشروط فإن الآفاق الرحبة تفتح أمامه، ويعيش التوازن النفسي والوفاق مع الذات، ومع العالم ومع الآخرين، وتنمو لديه الثقة بالنفس والنظرة الإيجابية إلى الذات، والدافعية للعمل والإنجاز، وصولا إلى الإبداع.
يشدد الباحث على ثقافة الإنجاز والعمل تبعا لناموسها، وبرأيه في ثقافة الإنجاز التي تشكل قاعدة كل نماء وبناء لا يرى المرء من مفهوم لذاته أو تصور إلا باعتباره كائنا منجزا يحسن تنمية طاقاته وتوظيفها، كما أن صناعة المستقبل قائمة على الجهد الذاتي والجماعي بما فيه من تجديد وإبداع.
ويؤكد الباحث على ضرورة الاعتراف  بحق الإنسان بالكيان، وصيانة حرمة هذا الإنسان وتأمين الحاجة والخوف كشرط مسبق لبناء الاقتدار الإنساني الذي يشكل نواة أي إنجاز أو إنتاج أو تقدم أو تنمية، الإنسان أولا وفي الأساس، والاعتراف بإنسانيته كمنطلق ومآل ووسائل، وكل ما عدا ذلك جهد مهدور وأمل ضائع.
أما الأستاذ حازم صاغية فيحرر في كتابه ” مأزق الفرد في الشرق الأوسط ” – الساقي 2005- عدة مقالات للعديد من الباحثين والكتاب في مجال الفر دانية في الشرق الأوسط، وكل يتناول الفر دانية في منطقته، أو ما يختص ويهتم به في تلك المنطقة عبر فصول الكتاب
ويفرد في الكتاب فصلا عن الفردانية في الشرق الأوسط العربي، بالإضافة إلى مقدمة غنية بالأفكار الحيوية والمهمة، إذ ضمت رؤية نقدية واضحة لمكانة الفرد في التاريخ العربي
يشير الباحث صاغية على أنه في الواقع لقد وجد الأفراد دائما في الشرق الأوسط، كما في غير مكان من كوكبنا،  وهؤلاء الذين تربطهم إلفة ما بالتاريخ والأدب العربيين يعرفون عن الشعراء “الصعاليك ” فآراء وأعمال هؤلاء الشعراء كانت مرفوضة في قبائلهم وجماعاتهم، وكان عليهم أن يهجروا منازلهم وأصحابهم ليعيشوا في منافي الأراضي المهجورة في الصحراء، غير أن ما لم ينوجد هو الفردانية لأن هذه لا تظهر  إلا مع الحداثة وبفضلها، لكن مجتمعا ينوجد فيه أفراد من دون التنبؤ بتصرفاتهم أو كطائشين أو في – أحسن الأحوال- كمتطرفين، ويكونون عرضة للتضحية بهم من دون سبب، وفرديتهم المقموعة إنما تجد مخارج قليلة للتعبير عن نفسها فيكون ملاذها الأسهل في بعض الإيماءات الجسدية الشاذة أو في سلوك هزلي ما أو كما هي حال الصعاليك، في بعض الشعر” الغريب ” سواء في مفرداته أم في محتواه، ولهذا يصعب أن تصدر مواقف متماسكة منطقيا عن هؤلاء الأفراد فهم لا يستطيعون تطوير خطاب فرداني في ما يخص الحياة والموت، الحب والكره، السياسة والثقافة.
وهنالك هضم للحقوق الفردية ضمن سياق المطالبة بالحريات سواء للشعوب المنضوية تحت أطر دول معترف بها أو للأقليات المضطهدة، فالتجربة توضح أن هنالك تضحية بالحريات الفردية من أجل الحريات الجماعية، ولقد شهدت الأحزاب العربية والكردية حالات من إهمال الفرد والتضييق على حرياته بالرغم من شعارات وأهداف هذه الأحزاب بالحرية والديمقراطية والنضال ضد الإضطهاد والدكتاتورية والإستبداد ومارست هذه الأحزاب أساليبا غريبة بحق الأعضاء الذين قرروا لسبب ما الإنفكاك من هذه الأحزاب من نبذهم وعزلهم وإتهامهم وحتى تخوينهم في كثير من الحالات، هذا ولعل اندفاع الكثير من الأفراد للانخراط في هذه الأحزاب لا يأتي بسبب قناعاتهم بهذه الأحزاب وإنما بغية صنع وجاهات سياسية للحصول على رضى الجماهير وتقديرها مستغلين حالات التخلف الشعبي الواسعة ،  ولعل تهميش الفردية يتبدى في المجال الإعلامي والفكري على شاشات الفضائيات الكردية من خلال إظهار شخصيات لا تمتلك الإمكانات الإعلامية والفكرية للدفاع عن الكرد وقضيتهم العادلة  وذلك بسبب انتمائهم الحزبي بينما يتم إهمال وتهميش شخصيات تمتلك تلك الإمكانات وذلك لأنها شخصيات مستقلة غير منتمية لأية أحزاب.
وهذا الإقصاء وهذا التهميش الممارس من قبل الأحزاب بحق أعضائها المستقيلين يقابله في الأنظمة العربية إقصاء وتهميش للخبرات والكفاءات والطاقات العلمية والثقافية والفكرية،  وهذا ما يؤدي  في الداخل للاغتراب والتقوقع والانحسار الإبداعي و في الخارج إلى هجرتها والاغتراب الاجتماعي عن البلد الأصلي والتعرض لإزدواجية التجنس واللغة والثقافة والتقاليد.
لكن رغم ذلك فإن هذه الطاقات تبدع وتنجز في مجالاتها إنجازات رائعة ما لا يتاح أمامها في بلدانها الأصلية بسبب توفر المناخات الديمقراطية الكافية وملاقاتها للدعم والتحفيز والمساندة من المؤسسات الحكومية والمدنية في بلدان المهجر ، والأمثلة كثيرة وعديدة ابتداء من فاروق الباز رائد الفضاء الأميركي – المصري الأصل- ومرورا ب بأدونيس الشاعر السوري والمرشح لجائزة نوبل للآداب وانتهاء بأحمد زيل المصري الأصل-  الحائز على جائز نوبل في الكيمياء،  وغيرهم.
إنَ ما يدعو للألم والأسى حقا أن الفردية في العالم العربي تغيب وتتيه أمام موجات من المغالاة والمتاجرة الشعاراتية والصراخ في الفراغ بينما الفرد المبدع يبحث عن إنسانية مبدعة متجسدة في الفرد لبناء مجتمعات قوية وسليمة ومعافاة من أمراض سياسية واجتماعية أدت وتؤدي إلى تخلف هذا العالم ( العالم العربي) وتعرقله عن اللحاق بركب الحضارة العالمية.
© منبر الحرية، 28 أغسطس/آب 2009

حواس محمود18 نوفمبر، 20100

يؤكد الكثير من الباحثين والكتاب والمفكرين العرب على أن الدول العربية بعد حصولها على استقلالها من الاستعمار المباشر في أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم قد عمدت إلى تهميش المجتمع وإقصائه وتضخيم جهاز الدولة، وانتفخت أجهزة المراقبة لديها بكيفية شلت المبادرات المستقلة والحرة، وقدمت نفسها كأنها الضامنة للحقوق والمصالح العامة، والمدافعة عن “كرامة  المواطن” دون الإقرار الفعلي له بصفة المواطنة – والحامية لصحته وأولاده ومستقبله، والمحاربة للعدو الذي يحتل أرضه.
إلا أنه منذ أواسط الثمانينات إلى الآن اضطرت هذه الدولة إلى المراجعة القسرية لبعض التزاماتها، ذلك أنه مع ثقل المديونية الداخلية والخارجية وفشل النماذج التنموية السابقة، وسقوط الشعارات التعبوية ( لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ) التي تمكنت من الاستمرار لبعض الوقت، وعرقلة أي جهد توحيدي أو حتى تعاوني عربي عربي.
تطلب الدولة الآن من مواطنيها ألا يعولوا عليها في كل شيء، وأحيانا حتى على صعيد الأمن الشخصي والجماعي، تطالب المواطن بدفع كل ضرائبه على أن يتكفل هو بصحته وبنقله وبسكنه وبتعليم أبنائه وبتشغيلهم، ونقص الموارد، وتضخم القطاع العام وانعدام مردوديته. ولأن هذه الدولة تضخمت على حساب المجتمع فإنها عملت طيلة أكثر من أربعة عقود على التشويش على أشكال التنظيم المحلية وأنماط التضامن والتعاضد والصيغ التعاونية المختلفة التي عرفتها المجتمعات عبر تاريخها، خوفا من نموها وتحولها إلى سلطات قد تفرز بؤر اعتراض أو تململ ممكن. وحاصرت بموازاة ذلك التنظيمات السياسية ومنعتها أو دجنتها، ( وتدخل الجهاز الحكومي- وبخاصة لدى الدولة العربية الشمولية في كل مفاصل المجتمع ” كل شاردة وواردة” ) وحدت من نموها وانتشارها لتحتل هي كل المجال العمومي، وتفرض الرأي الوحيد الأوحد وأفكار الزعيم القائد الرمز المهيب والملهم، والإيديولوجيا الوحيدة… هذا في الوقت الذي لا تكف فيه هذه الدولة عن الضجيج والتبجح المستمر عبر وسائل الإعلام المحتكرة لديها بالديمقراطية النابعة من سلطة الشعب وبالتعددية وحرية الرأي والتنظيم.
في سياق هذا الجو الاحتقاني والذي يحاصر الإنسان في حركاته وسكناته والذي يقتل فيه روح الابتكار والإبداع والتطور، وأي مساع للتنمية والديمقراطية اندفعت عناصر من النخبة السياسية والثقافية إلى إطلاق مبادرات ذات أهداف مدنية وإصلاحية، وذلك بتأسيس جمعيات ومنظمات تتنشط في المجالات الاجتماعية والثقافية والإنسانية التي أسقطتها الدولة من حساباتها أو كانت تخشاها وتحسب لها ألف حساب.
لماذا فشل الإصلاح العربي؟
في دراسة قيمة عن الإصلاح في العالم العربي يبين الدكتور برهان غليون أسباب فشل الجهود الإصلاحية العربية ويلخصها بجملة أسباب منها استفادة النظم العربية من الموقف السلبي التاريخي للرأي العام من السياسات الأمريكية في المنطقة، ومن الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة المدنية في العراق، من أجل نزع المصداقية من الإصلاح الأمريكي الأوروبي، ونجحت بالفعل في تعبئة هذا الرأي العام ضد ما أسمته الإصلاح المفروض من الخارج. وقدم لها تدهور الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والإنساني في العراق خلال السنوات الأربع الماضية نموذجا سلبيا لا يقدر بثمن لإظهار مخاطر التسليم بالتدخل الأجنبي والإنصات للنصائح الغربية
ويرى وجود عوامل أخرى في إخفاق الإصلاح العربي منها :
– أن الانقسام الذي غذته وعملت عليه النظم القائمة حول مسائل الإصلاح قد أدخل الفكر والسياسة الإصلاحيين العربيين في حالة تخبط عميق وأجهض جميع جهود العمل على دفع المجتمعات العربية إلى تبني مشروع الإصلاح والتضحية من أجله
– لقد أدركت النخب الحاكمة أن تطبيق برنامج الإصلاح المطلوب يعني إلغاء وجودها نفسه لصالح صعود نخبة جديدة، وبالتالي على أنه عملية انتحارية ووقفت بجميع الوسائل ضد برنامج الإصلاح الذي يشكل بالأحرى برنامج انقلاب على النظم المركزية واستبدالها بنظم تعددية
– أن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه التحالف الغربي المشار إليه آنفا لا يلغي أيضا مسؤولية قوى التغيير المحلية، وتكمن هذه المسؤولية في العجز الذي أظهرته هذه القوى عن إدراك الرهانات الكبرى التي يرتبط بها الإصلاح والتي لم تخف على الأوليغارشيات الحاكمة. فقد اعتقدت هذه القوى أنها تستطيع إذا اقتنعت النخب الحاكمة ببرنامج سلمي للإصلاح، أن تغير موازين القوى و تضع لا يتضمن تغيير النظم الحاكمة. والواقع أن دعوة الإصلاح العربية قامت منذ البداية على سوء تفاهم كبير بل ربما على خداع الذات شاركت فيه القوى المحلية الداعية للإصلاح كما شارك فيه التحالف الغربي أيضا. فقد نظرت هذه القوى إلى الإصلاح على أنه مقدمة للتغيير أو محاولة لتغيير النظم من الداخل وتقريبا بالتفاهم معها والاتفاق على برنامج عمل انتقالي يسمح بتجاوز الوضع الراهن والدخول في نظم تعددية حقيقية في مستقبل ما.
إن الحالة العامة للأزمة في العالم العربي بجميع جوانبها السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية تقتضي أن يتم التحرك الفعال والحثيث للتغلب على هذه الحالة الأزموية، فلا يمكن لقوة وحيدة أن تحقق الإصلاح وإنما هو يتطلب تضافر جهود جميع قوى المجتمع للدخول في المعترك الإصلاحي والاستمرار بنجاح إلى النهايات المنطقية. كما يجب التذكير بأن القوى المحلية مهما كانت قوتها لا تستطيع انجاز الإصلاح بمفردها  – لأسباب عدة – من دون مساعدة شخصيات و منظمات وهيئات حقوقية إنسانية دولية كما يؤكد على ذلك المفكر برهان غليون. إذ يقترح لجنة دولية وسيطة مهمتها تسهيل فتح الحوار مع الأطراف المتنابذة وتذليل العقبات التي تحول دون تواصل هذه الأطراف، وإبراز إمكانية المراهنة على الحلول السياسية المتفاوض عليها وجدواها.
© منبر الحرية، 27 مارس 2009

حواس محمود17 نوفمبر، 20100

السلطة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان الذي يتزعم حزبه حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا ، قامت وتقوم بأدوار إقليمية باتت مكشوفة إلى حد كبير ، فابتداء بالتوسط بين سورية وإسرائيل عبر مفاوضات غير مباشرة لإيجاد تسوية سلمية بين الطرفين، وانتهاءا بالتوسط بين حماس وإسرائيل عبر منافذ قطرية عربية كمصر وسوريا وقطر، ودولية كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الأدوار باتت   تؤتي ردود فعل  مكشوفة  – ولو في إطار النخبتين السياسية والثقافية العربية –  تتسم بالتشكيك والريبة والتساؤل ، وكل ذلك بسبب ما يحيط بالتحرك التركي في المنطقة من مخاوف عودة ” العثمانية” إلى العالم العربي عبر القضايا العربية ودرج على تسمية هذه العثمانية ب” العثمانية الجديدة”.
إن تركيا الأردوغانية لم تكن لتستطيع أن تقوم بهذه الأدوار الإقليمية لولا الضعف العربي الذي بات مكشوفا إلى حد كبير أمام اللوحتين الإقليمية والدولية، مما أدى ويؤدي إلى إغراء العديد من القوى الإقليمية والدولية للتحرك وبسط النفوذ من خلال هذا الانكشاف الواضح، فهنالك الانقسام الواضح ضمن النظام الرسمي العربي بين دول الاعتدال  ودول الممانعة ، وتأخر الدول العربية في المجالات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والتنموية. هذا التأخر أثر وبشكل كبير في المستوى  السياسي مما أدى إلى غياب الديناميكية السياسية القادرة على التعامل مع قضايا العالم العربي الداخلية والخارجية بحيوية فائقة.
ومن المفارقات العجيبة حقا أن يتعاطف زعماء تركيا مع قضية أهل غزة وفلسطين الذين تعرضوا للعدوان الإسرائيلي، وهم يقومون  بنفس الوقت بقمع الكرد في تركيا ويمنعون عنهم لغتهم وتراثهم، وتمنع أحزابهم من العمل السياسي ويزج بالسجون آلاف المناضلين الكرد في سبيل حقوقهم القومية المشروعة !  علما أن القضيتين  تتشابهان في الظلم وإنكار الحقوق القومية ومنع تقرير المصير سواء للشعب الفلسطيني  من قبل إسرائيل أو للشعب الكردي من قبل السلطة التركية ، فهل الشعب الفلسطيني شعب والأكراد هم ليسوا شعبا أو كما يسميهم الشوفينيون  الأتراك  ب “أتراك الجبال ” !
إن قيام تركيا بهذا الدور الذي يتلخص في منع حقوق الكرد القومية داخلها والبكاء على حقوق الفلسطينيين في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة خارج نطاق الإقليم التركي، يمكننا إدراجه ضمن ازدواجية  واضحة المعالم والتجليات ، إذ كيف يمكن تصديق   هذه اللعبة الازدواجية المثيرة للاستغراب والاندهاش للمراقب السياسي؟  ، الذي ينظر برؤية سياسية دقيقة ومتمعنة وثاقبة ،ولكن من المستغرب حقا  أن  تنطلي لعبة  السلطة التركية هذه على قطاعات واسعة من الشعب العربي ، فإذا كانت تركيا تريد حقا أن تتعاطف مع العرب فهل ستضحي بعلاقاتها الإستراتيجية مع إسرائيل ؟ وهل ستلجأ إلى إلغاء  الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل في وقت قريب ؟
ويتجلى النفاق التركي أيضا  في الرغبة بانضمام تركيا إلى السوق الأوربية المشتركة وفي نفس الوقت تحسب نفسها ضمن الدول الإسلامية في المنطقة، وهذا يأتي كانعكاس عن الثقافة الإسلامية  على صعيد الشارع التركي من جهة والثقافة العلمانية الكمالية على صعيد العسكر والنخبة السياسية ذات النفوذ القوي في دوائر السلطة والقرار في تركيا ( الأمن القومي التركي) من جهة أخرى.
وإلى حين أن تستطيع تركيا حل تناقضاتها الداخلية والخارجية ستظل تلعب أدوارا مزدوجة خارجيا بإقامة علاقات مع  إسرائيل والغرب وبنفس الوقت نسج علاقات مع الدول العربية والإسلامية.
إن مشكلة العالم العربي أنه بقي عصيا – حتى الآن- على التحولات الديمقراطية على الصعيد العالمي مما أخرها عن ركب الحضارة العالمية ، وما أدى ويؤدي  إلى أن تأتي قوى إقليمية ودولية للتدخل في قضايا هي في صميم مسؤوليات دول هذا العالم
ولذلك نرى أن دولة أخرى تتدخل وبقوة وهي إيران، وتحاول بسط نفوذها الإعلامي والسياسي على سطح القشرة الدماغية للإنسان العربي بإقناعه بأنها قوة إسلامية قادرة على حل العديد من القضايا العربية وأهمها قضية فلسطين.
© منبر الحرية، 02 فبراير / شباط 2010

حواس محمود16 نوفمبر، 20100

الدولة الأمنية تعبير دقيق عن حال الدولة الاستبدادية والدكتاتورية، وهي لا زالت موجودة وبخاصة في العالم العربي، رغم أن العالم قد مر بمراحل مفصلية هامة كالبيروسترويكا، التي اجتاحت الدول الاشتراكية وسقط على إثرها العديد من الدول الأمنية وجاءت الثورة المعرفية والتكنولوجية الكبرى، والتي أثرت على العديد من الدول بانفتاحها الديمقراطي على شعوبها. ولكن كل هذا لم يؤثر على  الدولة الأمنية في العالم العربي، يقول المفكر العربي طيب تيزيني أن مبدأ الدولة الأمنية هو: ” على الجميع أن يفسد الجميع حتى لا تبقى فئة  تكون الحامل الاجتماعي لعملية التغيير” وبحسب تعريف موسوعية ويكيبيديا الحرة: “هي  دولة تمارس فيها الحكومة إجراءات قمعية صارمة ضد المجتمع تتحكم من خلالها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشعب. وغالبا ما يتم ذلك من خلال شرطة سرية تعمل عادة خارج الحدود التي تفرضها الجمهورية الدستورية. الدولة الأمنية  عادة ما تظهر مظاهر الشمولية والرقابة الاجتماعية، وعادة ما لا يوجد ما يميز بين القانون وممارسة السلطة السياسية من جانب السلطة التنفيذية”(1).
وهي تمارس التقييد والتضييق والملاحقة بحق الأفراد والجماعات بحجج وذرائع  شتى، من قبيل أن الدولة  تواجه تحديات خارجية، أو أن الذي يطالب بالديمقراطية وإلغاء الاستبداد يضعف من هيبة الدولة أو الأمة، وأن الشعب يجب أن يخضع للأحكام العرفية وقوانين الطوارئ.
تمارس الدولة الأمنية ” التفكيك والفصل بين مكونات شعبها ومجتمعها، فهي  مؤسسة محاربة للاندماج، وكل جهدها يتجه إلى تضخيم مؤسساتها الأمنية والقمعية لاستمرار الأوضاع على ما هي عليه ولوأد أية حركة اجتماعية تطالب بالعدالة والإنصاف ” (2)   ” سكان الدولة الأمنية يعانون القيود المفروضة على التنقل، وعلى حرية التعبير عن  الآراء السياسية” (3)  والعمل والتجارة والتعليم والسفر (من خلال الترهيبات والمغريات)  والتي تخضع لمراقبة شديدة  أو قمع الشرطة والأمن. و”لعل بناء السجون والمعتقلات من أبرز سمة الدولة الأمنية  التي تولي لهذا الجانب اهتماما كبير كونه يمثل العصا الطولى في احتجاز وإبعاد من تريد إبعادهم عن ساحة الحياة السياسية أو الاجتماعية بأي سبب مختلق، حيث كشف فريق من خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن تزايد كبير في عدد المعتقلات السرية بمختلف أنحاء العالم وخصوصا في الدول المنتهجة للنظام الشمولي” (4)
ملامح الدولة الأمنية:
تتسم الدولة الأمنية بعدة ملامح تميزها عن الدولة  اللاأمنية أو الديمقراطية ويمكن أن نذكر هنا أهم ملامح الدولة الأمنية :
“أولا: رفض التداول السلمي للسلطة وجمع الصلاحيات في شخص فرد أو حزب واحد.”(5)
ثانيا:  تعتمد الدولة الأمنية أيديولوجية شمولية ذات طابع عقائدي دوغمائي إيديولوجي مغلق تستند إلى التحشيد والتجييش والتحميس وتبث ثقافة إيديولوجية عمادها التلقين والحفظ والببغائية والعدمية الفكرية والعقلية والنقدية لكي تستطيع أن تسود وتسيطر على مقدرات البلد والمجتمع.
“ثالثا: التركيز على (كاريزما) القائد الأوحد والحزب الواحد وعبارة (زعيم واحد) “(6) والقائد الملهم، ويتحول الحزب إلى رهينة بيد الرئيس فيأخذ الاهتمام الأوسع وبذلك تسهل عملية الاستبداد بالرأي والتصرف بمقدرات الدولة والمجتمع.
رابعا: السيطرة والاحتكار التام لوسائل الإعلام والصحافة والترويج للقائد وتلميع وجهه وترديد كلامه كمفكر وسياسي وداهية بالعلوم كافة، ويمنع  المجموع العام من التعبير عن رأيه بحرية، وإن تم إفساح المجال لمثقف أو سياسي من خارج دائرة السلطة، فإنه يجب أن يتحدث بايجابية عن الزعيم، وإلا فانه لا يسمح له بأي نقد للزعيم أو لسياسات الدولة الأمنية وتشتغل الأبواق الإعلامية لتبيان الدولة الاستبدادية وكأنها جنة الفردوس  على الأرض.
خامسا: ” إخضاع المؤسسة العسكرية ومفاصل القوة والدفاع، ومؤسسات المجتمع المدني إلى منهج الارتباط المباشر بشخصية الحاكم وترجمة سياساته عن طريق استخدام البطش والقسوة والتنكيل، ووضع قيادات مرتبطة بشخصيته مباشرةً وترهبه دون غيره، وتتملق للوصول إلى مرضاته بكل وسيلة. “(7)
سادسا: “الاقتصاد الموجه الذي يسيطر الحاكم به على مقدرات الشعب، ويتحكم بقوت الناس وأرزاقهم ليكون له اليد الطولى بزيادة العطاء لمن يواليه وتقليص وتضنيك متطلبات المعيشة لمن يغايره التفكير والتوجه. “(8)
سابعا: ” بناء مؤسسات شبه حكومية تابعة بشكل مباشر لشخص الحاكم ورأس الهرم السلطوي مهمتها تنفيذ الأجندة الخاصة للشخص المحرك لها حتى ضد الجهات الحكومية واستخدامها في حالات الضرورة أو في حال تراجع الجهات التنفيذية عن تنفيذ الأوامر غير القانونية. “(9)
ثامنا: “تطبيق المواد القانونية والدستورية بطريقة مسيسة، فتشدد في جانب وترتخي في جانب آخر وحسب أهواء السلطة”(10)،  والقيام بشراء ذمم المحامين والقضاة واستخدامهم في محاكمة الوطنيين والشرفاء لاستصدار أحكام جائرة بحقهم بموجب محاكمات شكلية وصورية.
تاسعا : تجيد الدولة الأمنية فن اللعب على الداخل والخارج، تبين دائما من خلال وسائل إعلامها وأبواقها المتعددة سواء هذه الأبواق مؤسسات أو  أشخاص من ضمن الدولة أو خارجيين (عرب أو أجانب)، تبين أن الخارج هو المهم أي توجيه الأنظار إلى الخارج وتحدياته، وهي تسيطر على مقدرات الشعب بشكل محكم،  وإذا وجد عدو خارجي فإن الدولة  الأمنية تقوم  بالتركيز (عندما يطالب الشعب بالتغيير) على أننا أي الدولة الأمنية  الشمولية مستهدفون، ونحن نواجه هجمة خارجية شرسة لذلك فان المطالب بالتغيير أو التنمية يوصم بالتواطؤ وخدمة الأعداء، وتحت هذه الحجة تم خنق المجتمع وأهملت التنمية وتخلفت المجتمعات  وزج بالعديد بالسجون والمعتقلات، وأعدم البعض بتهمة الجاسوسية لإسرائيل حتى أن الأمن يهدد بعض المعارضين بتدبير تهمة التعامل مع الأعداء، وتحت موجة العداء للعدو الخارجي تمارس شتى العقوبات ضد العديد من المناضلين من أجل التغيير والديمقراطية دون أن يحدثوا أي ضجة إعلامية لصالح الدفاع عنهم ومطالبة الدولة الأمنية بالإفراج عنهم، على العكس من ذلك يذهبون إلى سجونهم بتغطية إعلامية معادية لهم لأن السلطات تشتري الإعلام الخاص من خلال الرشاوى أو التهديد. أما الإعلام الحكومي فهو إعلام الدولة الأمنية طبعا يروج لهذه  ضد خصومها الديمقراطيين بالبلد.
الهوامش :
1- موسوعية ويكيبيديا الحرة.
2-  –  محمد محفوظ كتاب ” تحرير الديني ” اصدار دار الانتشار العربي – بيروت – لبنان  بيروت ص  111.
3- ويكيبيديا  الحرة مصدر سابق مذكور.
4- عدنان الصالحي ” الدولة البوليسية … بناء هش ونظام قلق ” عدنان الصالحي – صحيفة الأهالي البغدادية عدد 334  28-4- 2010 ص 7.
5-6-7-8-9 –  10 – صحيفة الأهالي البغدادية عدد 334  28-4- 2010 ص 7.
© منبر الحرية،18 أكتوبر/تشرين الأول 2010

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018

فايسبوك

القائمة البريدية

للتوصل بآخر منشوراتنا من مقالات وأبحاث وتقارير، والدعوات للفعاليات التي ننظمها، المرجو التسجيل في القائمة البريدية​

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لمنبر الحرية © 2018